إعداد/ دعاء عمـار
بين الانقلاب على شرعية أول رئيس مدني منتخب لمصر وتدخل الجيش لتنفيذ الإرادة الشعبية ينقسم تفسير المشهد الحالي بين مؤيدي الرئيس المعزول "محمد مرسي" وبين معارضيه, فيما يشهد الشارع حالة من الغليان في جميع أنحاء البلاد وسط اشتباكات ومواجهات سقط فيها حتى الآن أكثر من ثلاثين قتيلا ومئات الجرحى.
ومع احتدام حدة الاضطرابات تتضارب الاقاويل والحقائق, فعقب الاحداث الدامية التي شهدها طريق النصر فجر السبت الماضي وأوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى جاءت الحقائق متضاربة ومشوشة ، فهناك من يؤكد أن الشرطة والبلطجية بدأوا في اطلاق النار على المعتصمين السلميين, فيما يؤكد آخرون أن المعتصمين قد بدأوا الاعتداء على أهالي المنطقة مما أدى للاشتباكات.
المتحدث باسم البيت الأبيض "جوش إرنست" أكد أن السلطات المصرية لديها التزام أخلاقي وقانوني فيما يتعلق باحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير, كما أدان العنف في مصر, مؤكدا أن بلاده حثت المسئولين المصريين على الوفاء بوعدهم من خلال عملية شاملة والعودة إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا تعبر عن إرادة الشعب.
أما الموقف الاوروبي ، فقد رأت صحيفة "الباييس" الاسبانية أنه يحاول لعب دورالوسيط بين طرفي الصراع لاستكمال عملية التحول الديمقراطي واستعادة الاستقرار حيث إلتقت "كاترين اشتون" الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي بالرئيس "عدلي منصور" ود.البرادعي وكذلك عدد من الاطراف السياسية بما فيهم الاخوان وحزب النور, داعية إلى عملية انتقالية سياسية تشارك فيها كل الاحزاب بما فيها جماعة الاخوان المسلمين.
وفي محاولاتهم لاستعطاف المجتمع الدولي كتب "جهاد الحداد" القيادي في جماعة الاخوان المسلمين مقالا في صحيفة "الجارديان" البريطانية استنكر فيه عدم التحرك الكافي للمجتمع الدولي لوقف ما أسماه "أعمال وحشية" قبل أن تبدأ, مؤكدا أن الجماعة أصبحت غير قادرة على عقد أية حوارات داخلية حول ما يجب فعله وأصبحت خياراتها محدودة في أي حل مطروح ، فمثلا إذا انسحبوا من الميدان الآن بدون ضمانات من حكومة مصر المؤقتة فكيف يمكن أن تتجنب الجماعة أعمال القمع في المستقبل وهو ما يعد انتحارا سياسيا.
صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية رأت أن جماعة الإخوان تواجه أزمة قد تعيد تشكيل هويتها في السنوات القادمة خاصة بعد أن إنضم إليهم شركاء من الجماعات الإسلامية الأخرى أكثر استعدادا لاستخدام تكتيكات عنيفة أو متطرفة وجعلوا منها حركة أكثر براجماتية لها قاعدة أعرض.
"خليل العناني" الخبير في الجماعات الاسلامية والسياسات المصرية أوضح أنه من الصعوبة على أعضاء الجماعة أن يسيطروا على الجموع الموجودة في رابعة العدوية خاصة بعد الدماء التي سالت في أحداث المنصة, مشيرا أن بعض قادة الجماعة دعوا انصارهم بالرجوع إلي السلمية النسبية للاعتصام إلا أنه تم رفض مبادرة القادة وهو الأمر الذي يعني العصيان في وسط جماعة تفخر باتباعها لنظام قيادة هرمي والانضباط الصارم داخل صفوفها.
وفي خضم هذه الاجواء المشحونة والاضطرابات التي تشهدها البلاد يتوقع المحللون عدة سيناريوهات للمرحلة القادمة أولها أن يتحول الحكم إلى الدكتاتورية العسكرية المباشرة وهو الامر الذي تنفيه تصريحات قيادات المؤسسة العسكرية, والآخر هو نشوب حرب أهلية كما حدث في الجزائر عام 1992، أو أن تجتاز البلاد هذه المحنة وتمضي في خارطة طريق إلا أن هذا لن يتأتى إلا بتقديم تنازلات كبيرة من الطرفين, فهل تجتاز مصر الازمة؟!