تحقيق / د.هند بدارى
حالة من الترفب المصحوب بالقلق تسود محيط الرأى العام مع اعلان الحكومة اقتراب ساعة الصفر للمهلة النهائية لفض اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول في رابعة العدوية والنهضة، وسط تساؤلات شائكة عن السيناريو الأمثل لفض الاعتصامات باقل خسائر ممكنة لانهاء معاناة السكان والمواطنين ،وعن تداعيات ما بعد الفض خاصة مع وجود تهديدات بنقل المقر لميادين اخرى وتصعيد العنف وما اذا كانت مبادرات المصالحة الوطنية يمكن ان تثمر فى ظل هذه الأجواء غير المواتية ؟ .
العودة إلي أعلي
تجارب .. سلمية

سامح سيف اليزل الخبير الأمنى والاستراتيجى قال لموقع أخبار مصر إن السيناريو الأمثل لفض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، فى تصوره ،يعتمد على الاستفادة من التجارب الدولية لانهاء الاعتصامات بطرق سلمية كأن يتم منح مهلة 48 ساعة للمعتصمين مع حصار المناطق المشغولة بهم واطلاق التحذيرات مفتوحة ، ثم التدرج فى تفريقهم بدءا باستخدام طلقات الصوت فى الهواء ، ففتح خراطيم المياه الى القنايل المسيلة للدموع دون اراقة دماء بقدر المستطاع حتى لانقع تحت طائلة القانون الدولى.
وشدد اليزل على مراعاة إغلاق جميع المداخل والمخارج وفتح بوابة واحدة في الأماكن التي يتواجد فيها النساء والأطفال والمسنون للخروج منها بحيث تتناقص الاعداد بمرور الوقت ويسهل السيطرة على البقية وتتبع مسارها مع تأمين هذه المناطق بمدينة نصر والجيزة لعدم العودة مرة اخرى .
كما أوضح الخبير الاستراتيجى أن عملية الحصار لمعتصمي رابعة والنهضة غرضها تضييق الخناق علي المعتصمين لتقليل أعدادهم، بدلا من استخدام العنف لافتا أن تحديد ساعة الصفر في عملية فض الاعتصام يتوقف علي عدة اعتبارات منها احكام وتطور عملية الحصار وملاءمة التوقيت وتقدير قوات الأمن لاحتمالات النجاح وقدر الخسائر .
خطة على مرحلتين
بينما اقترح اللواء مختار قنديل الخبير الأمنى فض الاعتصامات على مرحلتين بأن يتم البدء بفض اعتصام رابعة العدوية مثلا ثم الانتقال فى مرحلة لاحقة لانهاء اعتصام النهضة فى محاولة للضغط النفسى على المعتصمين لعلهم يبدأون فى الانسحاب من النهضة تلقائيا مما ييسر مهمة قوات الامن ويحد من الخسائر والضحايا .
وأشاراللواء مختار قنديل الى أنه من الأضمن أن تعتمد سيناريوهات الفض على عنصر المفاجأة ووضع كل التوقعات والاحتمالات فى الاعتبار منبها أنه سيكون لكل فعل ردفعل ،فاذا ألقى المعتصمون الحجارة سترد قوات الأمن واذا بادروا باستخدام السلاح لابد من ردعهم ، ونصح السكان باغلاق النوافذ والاحتماء بالحوائط و عدم الخروج وقت سماع أصوات "الخرطوش" .
العودة إلي أعلي
مهمة أمنية خاصة

والمح اللواء محمد ربيع الدويك المستشار القانونى و عضو الجمعية المصرية للقانون الدولى الى احتمال وجود اجراءات غير معلنة قبل الفض وبعده مع مراعاة عدم اسقاط ضحايا من القتلى والمصابين والقضاء على مخازن الاسلحة بقدر الامكان و عدم توريط الجيش فى القيام بمهمة خاصة بالاجهزة الامنية وانما عليه المعاونة والدعم فقط لافتا أن عليه التركيز فى مهمة كبرى لحماية حدود سيناء والتصدى للارهاب .
وأوضح أنه أثناء الحصارلابد من التطويق ثم إزالة الحواجز والمتاريس التي أقامها المعتصمون، ومنع إدخال مواد تموينية أو أسلحة داخل مقر الاعتصام، وضرورة السماح لهم بالخروج فقط، على أن يكونوا من غير قيادات الإخوان المطلوبين في قضايا لإجراء تحقيق معهم. مع اجراء عمليات إنزال أعلي أسطح العمارات حتي يتم تأمينها وعدم احتجاز رهائن بداخلها .

واضاف الدويك انه بالنسبة للاستعداد لتداعيات ما بعد الاعتصام ، فيجب استدعاء العقلاء والخبراء من المختصين بمكافحة بؤر الارهاب تحسبا لاية تداعيات امنية خاصة بالمناطق الحيوية منوها أنه سبق وضع استراتيجيات ناجحة لمواجهتها فى الثمانينيات ومنتصف التسعينيات على ان يتوازى مع الاجراءات الامنية حملات توعية بصحيح الدين واحكام الشريعة وان ذلك انتحارا وليس استشهادا ".
وأشار الى أنه فور نجاح العملية واعتقال قياداتهم يجب تقديمهم للمحاكمة العادلة تمهيدا للتصالح مع من لم يتورطوا فى جرائم .
العودة إلي أعلي
جريمة ضد الانسانية
أما ابراهيم يسرى مدير ادارة القانون الدولى والمعاهدات بوزارة الخارجية سابقا ، فيرى أى عمل ينتج عنه دماء يعتبر جريمة ضد الانسانية ويحاسب عليها كل من فى السلطة منوها اته سبق اقتراح حل للتسوية السلمية من خلال احتفاظ الرئيس السابق ببعض السلطات لحين اجراء انتخابات رئاسية مبكرة .
وأضاف ان اللجوء للحصار وقطع المياه والنور والكهرباء والطعام يشكل أيضا جريمة وفقا للقانون الدولى وبالتالى من الاجدى حل المشكلة وتسويتها أولاً بينما الاتجاه للعنف يعد من آليات الخمسينيات التى لاتصلح لادارة أزمات عصر الفضائيات وتكنولوجيا الاتصالات .
وحذر الخبير القانونى من الإجراءات الصارمة ضد المعتصمين لأنها قد تؤدي بدورها إلى اندلاع اشتباكات بين المحتجين المتواجدين في الخيام و قوات الأمن ، منبها إلى أن الآلاف من المحتجين المعتصمين في رابعة العدوية نصبوا الخيام للنساء ، الأمر الذي يشكل تحديا لوجستيا للسلطات المصرية اذا تم فض الاحتجاجات بالقوة .
ثم استدرك قائلا " وسط الاشتباكات والمسيرات المستمرة للاخوان يبدو أنه لاجدوى من الحديث عن مبادرات المصالحة دون تقريب وجهات النظر بين الطرفين، المتشيث كل منهما بموقفه ومطالبه دون حوار جاد يقوم على تنازلات متبادلة تحمي مصر من أي انزلاقات للعنف.
واشار الى انه لا غبار على فض الاعتصامات بالطرق السلمية لمنع عرقلة حركة المرور وانهاء معاناة ومخاوف السكان والمارة دون التورط فى ايقاع ضحايا منعا للانتقادات الخارجية
* رغم الاتفاق على ضرورة فض الاعتصامات إلا أنه من المهم اختيار الآلية القانونية المناسبة التى توازن بين المكاسب والخسائر،ولعل الأهم التوصل لتسوية ترضى جميع الأطراف حتى لاتتجدد الاحتجاجات وربما تتصاعد وتنتقل من مكان لاخر فى دائرة مفرغة حرصا على لم شمل المصريين تحت مظلة الاستقرار والأمان .