هي وُلِــدت قبلنا بعصور ولا نعلم مَنشَـــأ َها ومُنشِــأها ونقدسها حد العبادة !! ...
تلك هي العادات والتقاليد أو الأعراف المتوارثة وقل إن شئت مسلّمات فأنا لا يحلو لي إلا بأن انعتها ب (المُسمِّمات ) !! .
نعم مسمِّمات ...عندما تصبح مرجعيتنا هي العادة ,والأصل فينا هو التقليد فلابد من أن يكون النتاج عقول مسممة بفكر الرعيل
الأول ,وأقول هنا الرعيل الأول بدون تخصيص , وذلك ببساطة لأننا لانعرف حتى من هو ذلك المؤسس الفذ الذي سُطِرَت كلماته
مصحوبة بخطوطِ حمراء عريضة لا يُسمح بتجاوزها ؟!...ماذا نتبع إذاً ؟؟ بل من نتبع أصلا ً؟؟..
عادات لا تشيخ وتقاليد لا تهرم و (مغاصِبة) لا مناسبة لكل عصر !!.
لست أدعو بذلك إلى أن نثور ضد عاداتنا وتقاليدنا وأن نخلعها ولكن ما أرنو إليه هو أن ننتزع تلك الهالة العظيمة المحفوفة بما
يسمى بعادات وتقاليد وإخضاعها لمنزلة التقييم من حيث تناسبها وحاجتنا إليها وتعارضها وتمسكنا بها ...
فلا يكفيها أن نتبعها لمجرد ان هذا ما جرت عليه العادة .....أيعقل ؟؟
احترم جميع العادات والتقاليد ولكنني لا أجد نفسي اقتنع إلا بالقليل الذي تمكن من أن ينفذ من غربال معتقداتي .
لم يكن لي بأن اذكر أمثلة في هذا المقام فلكلٍ عاداته ولكلٍ تقاليده ولكل منا مؤسِس مجهول مخلصين له وبشده , فما قد يعتبره
مجتمع عادة قد يراه مجتمع آخر في منزلة المحرم عُرفاً !!
ما أراه غير مقبول هو أن نجعل من عقولنا نسخا ً كربونية مما توصل إليه من قبلنا , حتى أصبحت حياتنا مليئة بالمسلمات والتي
تحرمنا من أبسط حقوقنا وهي حق التمييز بين الصواب والخطأ , فعندما يخلقنا ربنا عز وجل مخيرين حتى في الإيمان به فنُسير
عقولنا كيفما أراد المخلوق !! ..هنا نكون قد ضيقنا واسعا..
هي دعوة لاستخدام هذه العادات والتقاليد بما يناسبنا وتطويعها لما يصلح لبناء مجتمع صحيح وفق الشريعة الإسلامية الحكيمة .
دعونا من اعتماد هذه العادات والتقاليد كثوابت ومرجعيات نقف عندها مكتوفي الأيدي فلا ثابت ولا مرجع إلا القرآن والسنة وما دون
ذلك ليس إلا اجتهاد قد يُصيب (من الصحة ) وقد يُصيب (أي يهلك صحيحا) !!..
هذا ما اعتقده تماماً ولكن أود التنويه أن التعبير عن عدم انتماءنا المطلق لهذه المسممات يجب أن يتم بشكل متوازن ومدروس لا أن
يكون بشكل مصادم لمجرد التصادم وفقط , فلا يوجد بيننا ولا منا من لا يعلم ان هناك من العادات ماهي مميزة جدا ولكن أن نرفعها
لدرجة الثوابت فهذا ما اعارضه دائماً ..وأن نستخدمها لا أن تستخدمنا هو الأصل..
كل ما عليك عزيزي القارئ أن تفتش بين جنبات عقلك على هذه المسممات وإعادة تقييمها بما تقتنعه ثم تعتنقه ..
حقاً.. مازلنا نتوارثها عسلا ً لماّ..حتى أُشبِعت أَكبادَنا سُما ً..