بقلم/ أروى المطلق
ما تتعرض له اليابان اليوم من زلازل وفيضانات , نتج عنها انفجارات نووية , والتي أدت بدورها إلى تسربات إشعاعية خطرة , هو كارثة دولية , وأزمة صحية كبيرة , لن تضر اليابان فحسب , بل إن ضررها ممتد ليشمل العالم أجمع .
بدأ تاريخ الإشعاع النووي عام 1934 مع العالم فيرمي ، الذي قام ببعض التجارب على عنصر اليورانيوم , ولم يحالفه الحظ في التعرف على نواتج التفاعل , ليأتي من بعده عالم كيميائي الماني يدعى إدا نوداك , فيكمل التجربة , ويستنتج أن قذف نواة اليورانيوم بالنيوترونات أدى إلى انشطارها إلى نواتين , فنتج عن هذا الانشطار طاقة هائلة .
أما فيما يخص التلوث النووي , فيرجع تاريخه إلى أواخر الحرب العالمية الثانية 1945 حين أُلقيت أول قنبلة نووية على مدينة هيروشيما في اليابان , فقتلت , وشوهت معظم سكانها , وظلوا يعانون من آثار إشعاعها طيلة حياتهم .
يُعرًف الإشعاع النووي بأنه : سيل من الجسيمات عالية الطاقة , تطلقه أنواع معينة من النوى الذرية الغير مستقرة وقت تفككها التلقائي , ويحتوي هذا الإشعاع على ثلاثة أنواع من الإشعاعات وهي : أشعة ألفا , وأشعة بيتا , وأشعة غاما .
و تقسَم التأثيرات الإشعاعية الناتجة عن الانفجار النووي إلى :
تأثير إشعاعي أولي , يظهر خلال الدقائق الأولى من الانفجار .
تأثير إشعاعي ثانوي , تمتصه الأجسام المحيطة و ذرات الهواء فيبقى مُختزناً في الجو , والتربة .
الجدير بالذكر أن انتشار هذه الإشعاعات غير محدود بمسافة معينة , فقد يصل تأثيرها لأبعد من 2.5 كم عن مركز الانفجار ..!!
ويختلف تأثير وخطورة هذه الإشعاعات على جسم الإنسان , حسب كميتها , و بحسب بعده عن منطقة الانفجار .
ولهذه الإشعاعات نوعان من التأثيرات البيولوجية :
أثر وراثي : تظهر آثاره متأخرة على الأجيال المتعاقبة .
أثر جسدي : ينتج عن امتصاص أنسجة الجسم لهذه الأشعة , فيسبب عدداً من الامراض منها : سرطان الغدة الدرقية , سرطان الدم , الأورام , أمراض العيون , أمراض الجهاز الهضمي , والاضطرابات النفسية وغيرها من الأمراض الخطيرة .
و يعد سرطان الغدة الدرقية من أخطر هذه الأمراض وأكثرها وقوعاً , والذي ينتج عن استخدام الجسم لكميات كبيره من النظائر المشتقة ليود 131 ويود 133 بعد امتصاصه لهما , حيث ترتفع نسبتهما في الجو خلال الأيام الاولى من الانفجار النووي .
يعتبر اليود عنصر رئيسي في تصنيع الهرمونات المُنتجَة من الغدة الدرقية , حيث تقوم الغدة بسحب اليود من الدم ثم تقوم بربطه مع نوع من الأحماض الأمينية tyrosin , مكونه بذلك هرموني الـ T3 وT4 وتخزنهما حتى يتم تحفيز إفرازهما عن طريق الـ TSH المفرز من الغدة النخامية.
ولتفادي التلوث بنظائر اليود المشعة الناتجة عن الإشعاع النووي , نصح الأطباء الاشخاص المتعرضين لهذه الإشعاعات بتناول جرعات كبيرة من حبوب اليود المركز , حتى تصل الغدة الدرقية لمرحلة التشبع , فتصبح غير قادرة على تخزين كميات أخرى من اليود , وبالتالي يتخلص الجسم من النظائر المشعة الخطرة .
و بعد استعراض الأضرار الناتجة عن الإشعاع النووي , ولما له من أخطار جسيمة قد تودي بحياة الإنسان , والحيوان , وتأثر تأثيراً سلبياً على البيئة , لزم أن تتظافر الجهود للحد من هذا الخطر , حتى يعيش الإنسان في بيئة صحية سليمة خالية من التلوث .
.