Napata مملكة نبتة النوبية كانت منذ 6000 سنة منطقة رعوية تسقط بها الأمطار الصيفية، كلمة (نوبة) في اللغة المصرية القديمة تعني (بلاد الذهب).
اكتشف بها دوائر حجرية (مادة)أنظر ميجوليثية، وقد قام بالمنطقة مجتمعات سكانبة من بينها قرية كان يمدها 18 بئر بالمياه تحت سطح بلاطات بناء ميجوليثي كبير عبارة عن تمثال يشبه بقرة نحت من صخرة كبيرة، وكانت تتكون القرية من 18 بيتا وبها مدافن كثيرة للمواشي حيث عثر علي هياكلها في غرف من الطين، ووجد مواقد كانت تستعمل، وعظام غزلان وأرانب برية وشقف فخار وقشر بيض نعام مزخرف، لكن لايوجد مدافن أو مخلفات بشرية في نبتة، وهذا يدل على أن البدو كانوا رحلا يأتون لنبتة كل صيف حيث الماء والكلأ والزواج والتجارة وإقامة الطقوس الدينية (747ق م - 200 ق م).
بحلول العام 900 ق م كانت المملكة المصرية القديمة قد تفككت إلى ممالك صغيرة وضعفت شوكتها ففقدت سيطرتها على المناطق النوبية التي دخلت عصرا مظلما لا يعرف عنه حاليا إلا القليل.
بدأت بعد ذلك في منطقة نبتة بالنوبة العليا بوادر حضارة جديدة تمثلت في قيام مملكة وليدة عرفت فيما بعد بمملكة كوش وكانت عاصمتها كرمه ونتيجة للزحف الصحراوي غيرت العاصمة إلى الجنوب في نبته.
التأسيس
تأسست مملكة نبتة على يد الملك النوبي كاشتا مؤسس هذه الدولة عندما نجح في استرداد عرش بلاده من الإمبراطورية المصرية وأقام دولة نوبية كانت عاصمتها في مدينة نبتة بالقرب من الشلال الرابع، وظهرت في المنطقة كقوة لا يستهان بها، كانت تجاور هذه المملكة في الجنوب مملكة مروي النوبية، وفي الشمال الإمبراطورية المصرية الممزقة نتيجة الصراعات الداخلية.
خلف "كاشتا" على العرش أبنه بيا الذي كان يطلق عليه بعنخي، وتمكن من توحيد قطري وادي النيل بعد أن استنجد به المصريون لحماية طيبة في الجنوب من خطر الملك الشمالي تفنخت، أستجاب بعنخي لطلب المصريين وحرر مصر كلها ليتوحد وادي النيل للمرة الأولى في التاريخ.
تولى أبنه شباكا بعده عرش نبتة وتصدى للزحف الآشوري عندما أرسل جيوشه للشام لمساندة حكام سوريا وفلسطين الذين استنجدوا به، إلا أنه هزم وعاد إلى مصر.
وخلفه أخوه الأصغر وشهدت المملكة استقرارا بسبب انشغال الآشوريين بحروبهم الداخلية فوجه جهوده لبناء وتعمير مصر، لكن الآشوريين هاجموا شمال مصر فانسحب لطيبة تاركا الشمال للآشوريين، وظل بطيبة حتي وفاته عام 663 ق.م.
واستطاع خلفه ابن أخيه تاهوت أماني استعادة الأراضي المصرية لمملكة نبتة، إلا أن الملك الآشوري آشوربانيبال سرعان ما تمكن من استعادة منف ثم توغل جنوبا نحو طيبة التي أنسحب منها تاهوت إلى كوش وظل بها حتى توفي في عام 653 ق.م، وبانسحابه كآخر ملوك الأسرة الخامسة والعشرون من مصر ينتهي حكم النوبة لمصر والذي استمر لمدة من 85 إلى 100 عام.
وأستمرت مملكة نبتة في ازدهارها في الجنوب بعد أنسحاب آخر ملوكها من مصر، وكانت تسير علي النهج المصري حيث كان آمون معبود الدولة الرسمي كما اتخذ ملوكها الألقاب الفرعونية وشيدوا مقابرهم علي الطريقة المصرية وزينوها بالرسوم المصرية والنقوش الهيروغليفية، وبدأت حدودها الشمالية تتعرض للاعتداءات المصرية المتكررة، مما حدا بملوك نبتة إلى تحويل العاصمة من نبتة لمروي في الجنوب بعيدا عن الخطر المصري. لكن انتهت المحاولات المصرية المتكررة باحتلال الأجزاء الشمالية من النوبة حتى الشلال الثاني في عهد الملك المصري بسماتيك الثاني، وضعفت مروي وتفككت نتيجة لكارثة بيئية ناتجة عن النفايات الصناعية من مناجم الحديد، وأخيرا جاءها عيزانا وهي في أقصى حالات الضعف فدمر ما تبقى منها عام 350 م مملكة نبتة 760(ق م - 653 ق م).
التشبه بالمملكة الفرعونية
وقد سارت المملكة علي النهج الفرعوني في كل مظاهر الحياة والحضارة، فقد كان آمون معبود الدولة الرسمي، وإتخذ ملوكها الألقاب الفرعونية، وشيدوا مقابرهم علي الطريقة الفرعونية وزينوها بالرسوم الفرعونية والنقوش الهيروغليفية. ثم يأتي القرن السادس قبل الميلاد فتنقل كوش عاصمتها إلي مروي من نبتـة، وفي مروي نجد الأهرام الملوكية، كما نري المعابد ومنها معبد الشمس، الذي تسامع به الناس في كل ركن من أركان العالم المعروف
وتُرى في مروي أكوامـاً عالية هي أثار فضلات الحمم التي كانت تخرج من أفران صهر الحديد، وصارت مروي عاصمة جديدة لكوش خمسة قرون قبل ميلاد المسيح وثلاثة بعد ميلاده، وهي تنشر النور حولهـا من عقائد وأفكار وقدرات فنية.
وكانت كوش أكثر الحضارات التي نشأت في أفريقيـا تميزاً بطابعها الأفريقي، ولكنها استفادت كثيراً من مظاهر الحياة من حولها وشواهد هذا بيّنة في معابد النقعة، فعلى الجدار الخلفي من معبد الأسد نقش الأقدمون أسد اً إلهـاً له أربعة أزرع، وثلاثة رؤوس، ويظن العلماء أن هذا النوع من الفن تسرب إلي هذه البلاد من الهند، وعلي مسافة قريبة من هذا المعبد يقوم بناء يظهر فيه التأثير الروماني، إضافة إلي ذلك هنالك أثاراً كثيرة تبين أن حضارة كوش كانت غربلة أفريقية للأراء والأساليب والمعتقدات، تأخذ منها مـا ينفعها وتضيف إليها مـا إبتدعته.
الآثار
وتُوجد في قبور كوش الملكية والشعبية معابدُُ تاريخيةً تمتد لألف عام، يأتي بعدها الخطر من جنوب الجزيرة العربية، عندمـا هاجر قوم من هناك إلي داخل الحبشة، وأنشؤوا دولة أكسوم التي قويت وإستطاعت أن تحول بين كوش وشرق القارة الأفريقية والمحيط.
وبالتدريج تمكنت هذه الدولة من قـهر كوش عندمـا قام عيزانا أول ملك مسيحي لها بـغزو كوش وتحطيم عاصمتها مروى عام 350 م وبعد عصر مملكة مروى(350 ق م- 0) مرت علي السودان فترة غامضة لا يُعرف عن أخبارها الأ النذر اليسير، فقد جاء البلاد قوم لم يكتشف الأثريون بعد إلي آى جنس ينتمون ويسميهم علماء الأثـار المجموعة الحضارية.
ويمتد عصرهم من سقوط مروي في القرن الرابع الميلادي إلي القرن السادس، ومن أثارهم المقابر التي وُجدت في أماكن كثيرة في شمال السودان، فلقد قامت علي أنقاض مروي ثلاثة ممالك نوبية. فكانت في الشمال مملكة "نوباطيا" التي تمتد من الشلال الأول إلي الشلال الثالث وعاصمتها " فرس". ويليها جنوبـاً مملكة المغرة التي تنتهي حدودها الجنوبية عند "الأبواب " التي تقع بالقرب من كبوشية جنوب مروي القديمة، وهذه المملكة عاصمتها " دنقلة العجوز "، ثم مملكة علوة وعاصمتها " سوبا " التي تقع بالقرب من الخرطوم.
إتحدت مملكتا النوباطيين والمغرة فيما بين عامي 650- 710 م وصارتا مملكة واحدة، ومكًن إتحادهما من قيام مقاومة قوية ضد غارات العرب من ناحية، وإنهاء الصراع السياسي الديني من ناحية أُخري، مما ساعد علي التطور الثقافي، وصلت النوبة قوة مجدها وأوج قوتها في القرن العاشر الميلادي وكان ملك النوبة المدافع الأول عن بطريق الإسكندرية، ولما إعتلي عرش النوبة ملك يُدعي " داود " عام 1272 م قام النوبيون بهجومٍ علي " عيذاب " المدينة المصرية علي ساحل البحر الأحمر وكان هذا أخر عمل عسكري لدولة النوبة حيث دخلت مملكة النوبة في عهد المؤامرات وإستمر الحال هكذا إلي أن إنهزم " كودنيس " عام 1323 م أخر ملك علي مملكة دنقلا المسيحية (710 م - 1317 م)، وإنتهت الدولة المسيحية، وصارت البلاد مفتوحة أمام العرب وإنتشر الإسلام بالسودان في القرن السابع الميلادي (اتفاقية البقط بين عبد الله بن أبى السرح والنوبة 31 هـ). أمـا مملكة علوة فلا توجد معلومات تاريخية عنها.وسقطت هذه المملكة عام 1504 م علي يد سلطنة الفونج مع حلف القواسمه. وكان محمد علي قد أرسل الجيوش للسودان، وأسقط مملكة الفونج عام 1821م.
المصادر
موسوعة حضارة العالم أنشأها أحمد محمد عوف