علم المصريات هو أحد فروع علم الآثار وهو علم يختص بدراسة تاريخ مصر القديمة [1] ولغتها وآدابها ودياناتها وفنونها وتعتبر الحضارة المصرية أقدم حضارة إنسانية على وجه الأرض.
نشأة علم المصريات
عتبر القدماء المصريين هم أول علماء المصريات بداية من الملك تحتمس الرابع الذي قام بإزالة الرمال حول جسد أبو الهول تحقيقا لحلما رآه يناشده فيه بذلك، وقد ترك تحتمس الرابع لوحة تحكى تفاصيل هذا الحلم.
وبعد تحتمس بقرنين من الزمان قام الأمير خعامواست ابن الملك رمسيس الثاني بالتنقيب وترميم آثار أجداده القدماء من معابد ومقابر ومبانى منها هرم الملك أوناس بسقارة ليكون أول مرمم للآثار في علم المصريات.
عصر الأغريق والرومان
في أواخر القرن السابع الميلادي بدأ اهتمام الأغريق والرومان بدراسة تاريخ مصر، وقد وصل إلينا جزء كبير من المعلومات والتواريخ عن تاريخ مصر عن طريق كتابات وتأريخ مؤرخين أمثال هيرودوت والمؤرخ المقدوني سترابون وسولون وديودورس الصقلي الذي عاش في عهد يوليوس قيصر وأغسطس وبليني المؤرخ الروماني ويوسيفوس مؤرخ اليهود، والجزء الأكبر من المعلومات وصل إلينا من الكاهن المصري مانيتون الذي كان أول من كتب تاريخ مصر الزمنى وقوائم الملوك خلال فترة الحكم البطالمة في القرن الثالث قبل الميلاد، ويعتبر مانيتون المرجع الأول لعلماء التاريخ المصري القديم.
علماء المصريات المسلمين
قدم علماء المصريات المسلمين العديد من الأسهامات في كشف أسرار الحضارة المصرية القديمة فكانت أول محاولة معروفة قام بها ذو النون المصري وأبو بكر أحمد بن وحشية في القرن التاسع الميلادي وأستطاعا بصورة جزئية فهم طبيعة اللغة الهيروغليفية ومعرفة بعض ما كتب بها بمقارنتها باللغة القبطية المعاصرة المستخدمة بواسطة القساوسة القبط في وقتهم، كما قام المؤرخ عبد اللطيف البغدادي (1162-1231م) الذي كان يُدرس في جامعة الأزهر في القرن الثالث عشر والذي كتب وصف مفصل لآثار مصر القديمة، وفي القرن الخامس عشر قام المؤرخ المقريزي بعمل مشابه لعمل البغدادي حيث قام بتقييم مفصل لآثار مصر القديمة.
الباحثيين الأوروبيين
وبداية من القرن الثالث عشر بدأ الباحثيين الأوروبيين وكتاب الرحلات الين كانوا في الأغلب يقومون بسرقة وتهريب الآثار إلا أن ملاحظاتهم وكتاباتهم قدمت الكثير من المعلومات بالرغم من الأخطاء الفاحشة فيها ولكن لبعضهم أسهامات جليلة نتجت من أتباعهم طرق علمية ومنهم جون جريفز وكلود سيكارد والدانمركي فريدريك لويس نوردن وريتشارد بوكوك وبينوا دى ماييه، وفي بداية القرن السادس عشر بين العالم أثانسيوس كرشر من الجزويت أهمية النطق الصوتي في اللغة الهيروغليفية.
وفي أواخر القرن الثامن عشر قام علماء حملة نابليون بتسجيل الحياة النباتية والحيوانية والتاريخ في موسوعة وصف مصر، وأتخذت دراسة التاريخ المصري القديم شكلا علميا أكثر بعد أكتشاف حجر رشيد ويلاحظ أن علم المصريات الحديث بدأ عام 1822م.
علم المصريات الحديث
مع أكتشاف حجر رشيد وفك رموز الهيروغليفية عام 1821م بدأت مرحلة جديدة من علم المصريات بدأ فيه كتابة التاريخ بناء على الأكتشافات الحفرية والبرديات واللوحات والنقوش على جدران المعابد والمقابر.
وكان أول علماء المصريات الذين اكتسبوا شهرة واسعة جان فرانسوا شامبليون (1790-1832م) والأيطالي أبوليتو روسيلليني، وفي عام 1828 جاء شامبليون ونيستور لوت وأيبوليتو أعضاء البعثة الفرنسية إلى مصر وحصل على تصريح بالتنقيب من محمد على باشا وقاموا باستكشاف خمسين موقعا وسجلوا ملاحظاتهم في ست مجلدات، وقد قدم شامبليون إلى محمد على ألتماسا يقترح فيه تنظيم الحفريات ووضع قوانين لمنع السرقة والتهريب للآثار المصرية ولكنه لم يجد صدى لدى محمد على كما قدم بعده بعامين رفاعة الطهطاوي ألتماسا أخر ولكن لم يتم أتخاذ أى أجراء حتى جاء أوجست مارييت، وقد كان رفاعة الطهطاوي أول علماء المصريات المصرين وكان متأثرا بأعمال العلماء المسلمين في القرون الوسطي في علم المصريات.
وفى عام 1858م بدأت أبحاث أوجست مارييت والبعثة الفرنسية في إعادة تنظيم الآثار وتصنيفها وتأريخها كما عمل جاهدا على وضع القوانين لمواجهة أعمال التهريب والسرقة، كما أسس المتحف المصري بالقاهرة لحفظ الآثار.
توت عنخ آمون
وفي عام 1922م جذب كشف هوارد كارتر لمقبرة الملك الشاب توت عنخ آمون بتمويل من اللورد كارنرفون أنتباه واهتمام أكثر لعلم المصريات
وفى بداية القرن العشرين أتخذت دراسة الحضارة المصرية القديمة شكلا أكاديميا وأصبحت تخصص مهني وبدأت هذه المرحلة من خلال أعمال ويليام فليندر بيتري الذي قدم أسلوب وتقنية في الحفظ والتنقيب والتسجيل، وأدوار نافيل ووايزنر وونلوك.
وأيضا الأبحاث التي قام بها أدولف أرمان ورانك لوضع قاموس اللغة المصرية القديمة والذي جمع أعمال جورج ست وسير والاس يادج وجرينث جاردنر وجوتييه والعالم المصري سليم حسن الذي كان من المشرفين على وضع القاموس.
كما دخلت التكنولوجيا علم المصريات وأستخدمت وسائل وأجهزة حديثة لاستخلاص وتحليل الحفريات والآثار مثل استخدام الكربون المشع في تحديد زمن وعمر الأكتشافات.
وقد أصبح علم المصريات من المواد العلمية الرئيسية التي تدرس في الجامعات وأنششأت معاهد خاصة لدراسته وللقيام بالأبحاث.
شامبليون