يندر أن تجد مكانا يخلو من أحد أنواع البطاريات فهي موجودة في السيارات والحاسبات الشخصية والمسجلات والهواتف الجوالة وكثير من الأجهزة والمعدات الأخرى.
فما هي هذه البطاريات بالضبط؟
خترعها العالم الإيطالي أليساندو فولتا بعد أن كانت الكهرباء تنتج بواسطة الدلك للأجسام المختلفة مثل قضيب الأيبونيت (Ebonite) أو الشمع الأحمر بقطعة قماش من الصوف أو الحرير.
البطارية في أبسط صورها علبة مملوءة بالمواد الكيماوية التي تنتج إلكترونات وتسمى التفاعلات التي تنتج عنها تلك الإلكترونات تفاعلات كيميائية كهربائية ولابد أن تحتوي أية بطارية على قطبين أحدهما موجب والآخر سالب حيث تتجمع الإلكترونات على قطب البطارية السالب وتنتقل منه إلى القطب الموجب في حالة التوصيل بينهما خارجيا بموصل "سلك" كهربائي ولكن من الخطورة الشديدة الاقتصار على ذلك الموصل دون إضافة أحمال كهربائية عليه لأن من شأن ذلك إحداث انفجار أو حريق أو على أقل تقدير تفريغ البطارية من شحنتها بشكل شبه فوري.
كيمياء البطاريات
يمكنك إجراء تجارب بسيطة في المنزل لتتعرف على التركيبات المختلفة للتفاعلات الكهربائية الكيميائية المستخدمة في تصنيع البطاريات وستحتاج من أجل ذلك إلى اقتناء جهاز بسيط لقياس الجهد والتيار الكهربائيين "فولتميتر" من أي متجر للمستلزمات الكهربائية وبسعر يسير ولكن تأكد من قدرة الجهاز الذي تستخدمه على قياس مقادير الجهد والتيار المنخفضة "في حدود 1 فولت للجهد و 5 مللي أمبير للتيار" حتى تتمكن من مراقبة ما يحدث في بطارياتك بدقة.
يمكنك البدء بمحاكاة أول بطارية عرفها العالم والتي ابتكرها رجل اسمه أليساندرو فولتا عام 1800 مستخدما طبقات مرصوصة بالتبادل من الزنك والورق النشاف المبلل بمحلول الملح والفضة شريطة أن يختلف نوع الطبقة المعدنية العليا عن تلك السفلى ويمكنك الاستعاضة عن الطبقات المعدنية بنوعين مختلفين من العملات المعدنية مع الفصل بين كل طبقة والتي تليها بمناديل ورقية مبللة بمحلول من ملح في ماء بأقصى تركيز ممكن.
قس الجهد والتيار الناتجين عن مختلف تركيبات العملات المعدنية وكذلك عن استخدام عدد مختلف من الطبقات في كل مرة كما يمكنك إجراء التجربة باستخدام معادن أخرى مثل شرائح الألومنيوم والصلب وستلاحظ أن كل تركيبة من المعادن ينتج عنها جهد مختلف عن الأخرى وإن كانت اختلافات طفيفة.
ويشير مصطلح بطارية في الواقع إلى مجموعة من الخلايا المتّصلة بعضُها ببعض، إلاّ أنّ المصطلح غالبًا ما يستخدم للدلالة على خلية واحدة كتلك المستعملة في الكشَّافات الضوئية اليدوية ولعب الأطفال الكهربائية.
تُستْخَدَم البطاريات بمثابة مصادر مريحة للطاقة الكهربائية. فهي تمد الأجهزة خفيفة الحمل مثل المذياع، والمسجلات الصوتية والتلفاز، بالطاقة الكهربائية. تمدّ البطارية السيارة بالطاقة الكهربائية اللازمة لإدارة المحرّك، كما تمدّ البطاريات أيضًا سفن الفضاء والغوَّاصات بالكهرباء. وخلال فترات انقطاع التيار، تمدّ البطاريات أجهزة الهاتف، وأجهزة إنذار الحرائق والمستشفيات وغيرها من المباني الأساسية بالكهرباء في حالات الطوارئ.
نتيجة لمناقشات عديدة بين العالم فولتا والعالم جلفاني (Galvani) تبين أنه بتوصيل معدنين مختلفين ببعضهما ينتج قوة كهربائية مولدة من شأنها أن تبقي المعدنين على جهد مختلف, ألا أن هذا الفرق لا يمكنه أن يعطي تيارا بكمية يعتد بها وذلك لعدم توفر احتياطي من الطاقة لتغذيته, وتبين له أن غمس شريحتين من معدنين مختلفين مثل (النحاس والزنك) في موصل من نوع آخر مثل محلول من الماء يمكن أن يحدث طاقة كافية للإبقاء على الفارق بالجهد بين المعدنين لفترة معينة تسمح لمرور تيار, حيث يحدث بين الشريحتين المعدنيتين فارق بالجهد يقدر بحوالي فولت واحد إذ أن جهد النحاس أكبر من جهد الزنك.
يمكن وصف ذلك بتراكم فائض من الإلكترونات السلبية في الزنك الذي يتخذ بذلك شحنة سلبية. فإذا أوصلنا بسلك معدني بين الشرحتين انطلقت من الزنك بتأثير المحلول الكترونات نحو النحاس وهذا الانتقال للإلكترونات يحدث تيار كهربائي. تستمر هذه الظاهرة ما دام مفعول الأحماض على الشريحتين المعدنيتين باق.
يعني ذلك أن التيار الكهربائي هو تحول الطاقة الكيميائية التي تتحرر من ردود الفعل التي تحدث داخل البطارية, وتتوقف كمية الكهرباء التي تعطيها البطارية على كمية المادة التي تتحول فيها.
على هذا الأساس العلمي تم تصنيع البطارية الكهربائية الجافة لكن الأقطاب لم تعد تغمس في سائل, حيث يتكون العمود الموجب فيها من قضيب من الفحم يحيط به بيوسيد المنكنيز والقطب السالب عبارة عن أنبوب من الزنك يحتوي على كلورور النشادر المعجون بالجيلاتين.
تعطي البطارية الجافة جهدا كهربائيا مقداره 1,5 فولت. وتتوفر بقدرات مختلفة,وهناك بطاريات مصنوعة من النيكل كادميوم يمكن إعادة شحنها مرات عديدة, وهذا النوع من البطاريات تكون بجهد 1,2 فولت.
تفاعلات البطاريات
إذا تخيلت أنك غمست قضيب من الزنك في برطمان مملوء بحمض الكبريتيك فسيبدأ القضيب في التآكل مباشرة بأثر الحمض وستلاحظ تكون فقاقيع غاز الهيدروجين على الزنك وارتفاع درجة حرارة كل من القضيب والحمض وذلك كله راجع إلى تحلل جزئيات الحمض إلى أيونات هيدروجين وكبريتات من جهة وفقد ذرات الزنك بعض الإلكترونات من جهة أخرى فتتحد أيونات الزنك مع أيونات الكبريتات وتذوب كبريتات الزنك الناتجة في الحمض كما تتحد الإلكترونات التي انفلتت من ذرات الزنك مع أيونات الهيدروجين في الحمض لينشأ عن ذلك جزئيات غاز الهيدروجين التي تراه على هيئة فقاقيع على قضيب الزنك فإذا غمست قضيب من الكربون حينئذ في الحمض فلن يتأثر ولكن إذا وصلت بين قضيبا الكربون وقضيب الزنك بسلك تتدفق الإلكترونات عبره وتتحد مع الهيدروجين في قضيب الكربون مما يؤدي إلى خروج غاز الهيدروجين من قضيب الكربون على هيئة فقاقيع كما تقل درجة حرارة المجموعة ويمكن حينئذ تشغيل مصباح ضوئي أو ما شابهه باستخدام الإلكترونات المتدفقة عبر السلك وقياس جهد وتيار فيه. ومن أكثر المواد استخداما في البطاريات الحديثة الزنك مع الكربون بمعجون حمض بينهما "في الخلايا الجافة المعتادة". والزنك مع أكسيد المنجنيز في وسط قلوي "في البطاريات القلوية ذات العمر الطويل".
أنواع البطاريات :
تنتج المصانع أنواعًا عديدة ومختلفة من البطاريات التي يمكن أن تُصنف حسب تصميماتها الأساسية , ويحدِّد تصميم البطارية كمية الكهرباء المولِّدة , وتتوقف بعض البطاريات التي تُسمى البطاريات الأولية عن العمل، وينتهي مفعولها، ويجب التخلص منها بعد استهلاك إحدى المواد الكيميائية المكونة لها. ويمكن إعادة استعمال أنواع أخرى من البطاريات بعد نفاد طاقتها وذلك بإعادة شحنها. ويسمى مثل هذا النوع البطاريات الثانوية، أو بطاريات التخزين.
يمكن أيضًا تصنيف البطاريات حسب محتوياتها الإلكتروليتية وهي المادة الموصلة للتيار الكهربائي داخل الخلية. وتحتوي العديد من أنواع البطاريات الأولية على الإكتروليت على هيئة مواد جيلاتينية، أو على هيئة مواد تشبه المعجون. وتُعرَف مثل هذه البطاريات التي تحتوي على مكوّنات غير قابلة للانسياب بالخلايا الجافة. وتسمى أنواع قليلة من البطاريات الأولية بالخلايا السائلة لاحتوائها على مواد كيميائية سائلة. وتحتوي أغلب أنواع البطاريات الثانوية على إلكتروليت سائل.
تُصنع البطاريات في أحجام متعددة. فمثلاً، البطاريات متناهية الصغر المستعملة في ساعات اليد الكهربائية تزن حوالي 1,4جم فقط. أما البطاريات الضخمة التي تغذي الغواصات بالطاقة فتزن مايصل إلى 0,91 طن متري. وعلى كلّ، فإن المنتجين يصنعون أغلب البطاريات في أحجام قياسية محددة. وعلى ذلك، يمكن استعمال البطاريات المنتجة من مصانع مختلفة في نفس الجهاز.
تختلف البطاريات أيضًا في الجهد المتولد. فالخلية الأولية كتلك المستعملة في كاشفات الضوء اليدوية جهدها 1,5 فولت. أما أغلب البطاريات الثانوية، والمستعملة في السيارات، فهي بطاريات جهدها 12 فولت، وهي تتكوّن من ست خلايا كل منها ينتج 2 فولت ومتصلة بعضها ببعض على التوالي.
كيف تعمل البطاريات الجافة الأولية:
البطاريات الجافة الأولية هي أكثر أنواع الخلايا الجافة الأولية شيوعًا. تختلف هذه الأنواع من البطاريات في عديد من النواحي، ولكنّها تشترك جميعًا في مكوِّنات أساسية معيّنة. ويوجد في كلّ بطارية جافة أولية مكونان يسميان القطبين، ويتكون كل قطب من نوع مختلف من المواد الكيميائية الفعالة.
يتسبب الإلكتروليت الموجود بين الأقطاب في شحن أحدها وهو القطب السالب (المهبط) بشحنة سالبة، والآخر ويسمى القطب الموجب (المصعد أو الكاثود) بشحنة موجبة. ويساعد الإلكتروليت في استمرار تعزيز التفاعلات الكيميائية التي تحدث عند القطبين.
وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من البطاريات الأولية الجافة، هي:
1ـ خلايا الكربون ـ الخارصين.
2ـ الخلايا القاعدية.
3ـ خلايا الزئبق.
كيف تعمل البطاريات الثانوية :
صممت البطارية الثانوية بطريقة يمكن بها عكس التفاعلات الكيميائية إلى الاتجاه المضاد. وتُمْكِّن هذه الميزة من إعادة شحن البطارية بكفاءة بعد نفاد الطاقة الكهربائية التي يمكن توليدها. وأكثر أنواع البطاريات الثانوية شيوعًا هي:
1- بطاريات التخزين رصاص ـ حمض.
2- بطاريات التخزين نيكل ـ كادميوم.
بطاريات التخزين رصاص ـ حمض. تتكون من إناء مصنوع من البلاستيك أو المطاط المقَوَّى، وتحتوي على 3 ـ 6 هياكل، وكلّ هيكل يحتوي على قطبين، كلّ قطب على هيكل شبكي أو على هيئة صفائح. الهيكل الخارجي لكلّ من هذه الأقطاب على شكل صفيحة معدنية مثقبة مصنَّعة من سبيكة الرصاص ـ الأنتيمون. تتم تعبئة ثقوب هذه الهياكل الشبكية للقطب السالب بكتل من الرصاص الإسفنجي النّقي، وهذه الثقوب توجد على مسافات متساويةكما في حالة المصفاة أو المنخل. تحتوي الثقوب الموجودة بالقطب الموجب، على ثاني أكسيد الرصاص، وهو مركب ناشئ عن ارتباط عنصري الرصاص والأكسجين يحيط الإلكتروليت الذي يتكوّن من حمض الكبريتيك والماء بالأقطاب.
تتم التفاعلات الكيميائية خلال عملية التفريغ بين مكوِّنات القطبين والإلكتروليت. تتفاعل ذرات الرصاص النقية عند القطب السالب بأيونات الكبريتات السالبـة ¸SO4--· الموجودة في الإلكتروليت. تتكوّن كلّ من أيونات الكبريتات السالبة، وأيونات الهيدروجين الموجبة ¸H+·، عند إذابة حمض الكبريتيك في الماء. وبارتباط ذرات الرصاص بأيونات الكبريتات، تفقد كلّ ذرة رصاص اثنين من الإكترونات لتصبح جزئي كبريتات الرصاص ¸PbSO4·
ترتيب البطاريات
نستخدم في معظم الأجهزة عدة بطاريات معا وفي العادة نضعها في ترتيب متسلسل للحصول على جهد أعلى أو في ترتيب متواز للحصول على تيارات أشد وتجد قيم الجهد والتيار مدونة على كل بطارية تشتريها فإذا افترضنا أن بطارية ما تعطي جهداً مقداره 25 ،1 فولت وتياراً بقوة 500 مللي أمبير ساعة فإن ذلك يعني نظريا أن البطارية تستطيع إخراج تيار شدته 500 مللي أمبير لمدة ساعة أو تيار شدته 5 مللي أمبير لمدة 100 ساعة أو تيار شدته 25 مللي أمبير لمدة 20 ساعة أوحتى 1000 مللي أمبير لمدة نصف ساعة.
إلا أن واقع الأمر يختلف عن الافتراض النظري شيئا ما لأن الوقت اللازم لحدوث التفاعلات الكيميائية داخل البطارية يفرض حدا أقصى لشدة التيار التي تستطيع إخراجه كما أن شدة التيار المرتفعة تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة البطارية مما يؤدي إلى فقد جانب من طاقتها إذارتبنا أربع بطاريات من النوع الذي ذكرناه في هذا المثال تسلسليا نحصل على جهد قدره 5 فولت "25 ،1x 4" بشدة تيار 500 مللي أمبير ساعة. أما إذا رتبناها على التوازي فإننا نحصل على جهد قدره 25 ،1 فولت بشدة تيار 2000 "500x 4" مللي أمبيرساعة.
هل كنت تتصور أن كل هذا يحدث داخل تلك الأشياء الصغيرة التي نستخدمها كل يوم؟
:cheers: