Friendship Of Robots
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


Friendship Of Robots
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولالقران الكريم كاملاً

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 كتاب القانون في الطب / ابن سينا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
elkabtn2009
المدير العام
  المدير العام
avatar


دولتي : مصر
النوع : ذكر
عدد المساهمات : 1071
السٌّمعَة : 265
تاريخ التسجيل : 09/04/2011

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Empty
مُساهمةموضوع: كتاب القانون في الطب / ابن سينا   كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 11 يوليو 2011, 10:53 am


للتحميل
http://www.4shared.com/document/2KNXbxhM/____.html




2 القانون في الطبابن
سينا
الكتاب الأول
الأمور الكلية في علم الطب
يشتمل على أربعة فنون:
الفن الأول
حد الطب وموضوعاته
من الأمور الطبيعية.
التعليم الأول
موضوعات الطب
الفصل الأول أقول: إن الطب علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول عن الصحة، ليحفظ الصحة
حاصلة ،ويستردها زائلة. ولقائل أن يقول أن الطب ينقسم إلى نظر وعمل، وأنتم قد جعلتم كله نظراً، إذ قلتم أنه علم.
وحينئذ نجيبه ونقول إنه يقال إن من الصناعات ما هو نظري وعملي، ومن الحكمة ما هو نظري وعملي، ويقال إن من
الطب ما هو نظري وعملي. ويكون المراد في كل قسمة بلفظ النظري والعملي شيئاً أخر، ولا نحتاج ألان إلى بيان
اختلاف المراد في ذلك إلا في الطب. فإذا قيل إن من الطب ما هو نظري، ومنه ما هو عملي، فلا يجب أن يظن أن
مرادهم فيه هو أن أحد قسمي الطب هو تعليم العلم، والقسم الآخر هو المباشرة للعمل، كما يذهب إليه وهم كثير من
الباحثين عن هذا الموضع، بل يحق عليك أن تعلم أن المراد من ذلك شيء آخر: وهو أنه ليس واحد من قسمي الطب إلا
علماً، لكن أحدهما علم أصول الطب، والأخر علم كيفية مباشرته. ثم يخص الأول منهما باسم العلم، أو باسم النظر،
ويخص الأخر باسم العمل. فنعني بالنظر منه، ما يكون التعليم فيه مقيد الاعتقاد فقط، من غير أن يتعرض لبيان كيفية
عمل، مثل ما يقال في الطب: إن أصناف الحميات ثلاثة، وإن الأمزجة تسعة. ونعني بالعمل منه، لا العمل بالفعل، ولا
مزاولة الحركات البدنية، بل القسم من علم الطب الذي يفيد التعليم فيه رأياً. ذلك الرأي متعلق ببيان كيفية عمل مثل ما
يقال في الطب، إن الأورام الحارة يجب أن يقرب إليها في الابتداء ما يردح ويبرد ويكشف. ثم من بعد ذلك، تمزج
الرادعات بالمرخيات. ثم بعد الانتهاء إلى الانحطاط، يقتصر على المرخيات المحللة، إلا في أورام تكون عن مواد تدفعها
الأعضاء الرئيسة. فهذا التعليم يفيدك رأياً: هو بيان كيفية عمل، فإذا عملت هذين القسمين، فقد حصل لك علم علمي
، وعلم عملي، وإن لم تعمل قط. وليس لقائل أن يقول إن أحوال بدن الإنسان ثلاث: الصحة، والمرض، وحالة ثالثة لا
صحة ولا مرض، وأنت اقتصرت على قسمين، فإن هذا القائل لعله إذا فكر، لم يجد أحد الأمرين واجباً، لا هذا التثليث،
ولا إخلالنا به. ثم إنه إن كان هذا التثليث واجباً، فإن قولنا: الزوال عن الصحة يتضمن المرض، والحالة الثالثة التي


كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237 كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237

3 القانون في الطبابن
سينا
جعلوها ليس لها حد الصحة، إذ الصحة ملكة أو حالة تصدر عنها الأفعال من الموضوع لها سليمة، ولا لها مقابل هذا
الحد إلا أن يحدوا الصحة كما يشتهون ويشترطون فيه شروطاً ما م إليها حاجة. ثم لا مناقشة مع الأطباء في هذا، وما
هم ممن يناقشون في مثله، ولا تؤدي هذه المناقشة م أو بمن يناقشهم إلى فائدة في الطب. وأما معرفة الحق في ذلك فمما
يليق بأصول صناعة أخرى، نعني أصول صناعة المنطق، فليطلب من هناك.
الفصل الثاني لما كان الطب ينظر في بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول عن الصحة، والعلم، بكل شيء، إنما يحصل
ويتم، إذا كان له أسباب، يعلم أسبابه، فيجب أن يعرف، في الطب، أسباب الصحة والمرض والصحة والمرض. وأسباما
قد يكونان ظاهرين، وقد يكونان خفيين لا ينالان بالحس بل بالاستدلال من العوارض، فيجب أيضاَ أن تعرف، في
الطب، العوارض التي تعرض في الصحة والمرض. وقد تبين، في العلوم الحقيقية، أن العلم بالشيء إنما يحصل من جهة العلم
بأسبابه ومبادين، إن كانت له إن لم تكن، فإنما يتمم من جهة العلم بعوارضه ولوازمه الذاتية. لكن الأسباب أربعة
أصناف: مادية، وفاعلية، وصورية، وتمامية. والأسباب المادية: هي الأشياء الموضوعة التي فيها تتقوم الصحة والمرض: أما
الموضوع الأقرب، فعضو أو روح. وأما الموضوع الأبعد، فهي الأخلاط، وأبعد منه، هو الأركان. وهذان موضوعان
بحسب التركيب وإن كان أيضاً مع الاستحالة وكل ما وضع كذلك، فإنه يساق في تركيبه واستحالته إلى وحدة ما،
وتلك الوحدة في هذا الموضع التي تلحق تلك الكثرة: إما مزاج، وإما هيئة. أما المزاج، فبحسب الاستحالة، وإما الهيئة
فبحسب التركيب.
وأما الأسباب الفاعلية: فهي الأسباب المغيرة، أو الحافظة لحالات بدن الإنسان من الأهوية، وما يتصل ا والمطاعم،
والمياه، والمشارب، وما يتصل ا، والاستفراغ والاحتقان، والبلدان، والمساكن، وما يتصل ا، والحركات، والسكونات
البدنية، والنفسانية، ومنها النوم، واليقظة، والاستحالة في الأسنان ، والاختلاف فيها، وفي الأجناس والصناعات
والعادات والأشياء الواردة على البدن الإنساني مماسة له إما غير مخالفة للطبيعة وإما مخالفة للطبيعة.
وأما الأسباب الصورية: فالمزاجات والقوى الحادثة بعدها، والتراكيب.
وأما الأسباب التمامية: فالأفعال، وفي معرفة الأفعال، معرفة القوى لا محالة، ومعرفة الأرواح الحاملة للقوى، كما سنبين،
فهذه موضوعات صناعة الطب من جهة أا باحثة عن بدن الإنسان، أنه كيف يصح ويمرض.
وأما من جهة تمام هذا البحث، وهو أن تحفظ الصحة، وتزيل المرض، فيجب أن تكون لها أيضاً موضوعات أخر، بحسب
أسباب هذين الحالين وآلاما، وأسباب ذلك التدبير بالمأكول، والمشروب، واختيار الهواء، وتقدير الحركة، والسكون،
والعلاج بالدواء، والعلاج باليد، وكل ذلك عند الأطباء بحسب ثلاثة أصناف من الأصحاء والمرضى والمتوسطين الذين
نذكرهم ونذكر أم كيف يعدون متوسطين بين قسمين لا واسطة بينهما في الحقيقة.
وإذ قد فصلنا هذه البيانات، فقد اجتمع لنا أن الطب ينظر في الأركان، والمزاجات، والأخلاط، والأعضاء البسيطة،
والمركبة، والأرواح ، وقواها الطبيعية، والحيوانية، والنفسانية، والأفعال وحالات البدن من الصحة والمرض والتوسط
وأسباا من المآكل والمشارب والأهوية والمياه والبلدان والمساكن والاستفراغ والاحتقان والصناعات والعادات
والحركات البدنية والنفسانية والسكونات والأسنان والأجناس والورادات على البدن من الأمور الغريبة، والتدبير بالمطاعم

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
4 القانون في الطبابن
سينا
والمشارب واختيار الهواء، واختيار الحركات والسكونات والعلاج والأدوية وأعمال اليد لحفظ الصحة وعلاج مرض
مرض، فبعض هذه الأمور إنما يجب عليه من جهة ما هو طبيب أن يتصوره بالماهية فقط تصوراً علمياً، ويصدق ليته
تصديقاً على أنه وضع له مقبول من صاحب العلم الطبيعي، وبعضها يلزمه أن يبرهن عليه في صناعته، فما كان من هذه
كالمبادئ فيلزمه أنه يتقلد هليتها، فإن مبادىء العلوم الجزئية مسلمة وتتبرهن وتتبين في علوم أخرى أقدم منها، وهكذا
حتى ترتقي مبادىء العلوم كلها إلى الحكمة الأولى التي يقال لها علم ما بعد الطبيعة. وإذا شرع بعض المتطلبين وأخذ
يتكلم في إثبات العناصر والمزاج وما يتلو ذلك مما هو موضوع العلم الطبيعي فإنه يغلط من حيث يورد في صناعة الطب
ما ليس من صناعة الطب ويغلط من حيث يظن أنه قد يبين شيء ولا يكون قد بينه البتة فالذي يجب أن يتصوره الطبيب
بالماهية، ويتقلد ما كان منه غير بين الوجود بالهلية، هو هذه الجملة الأركان أا هل هي وكم هي، والمزاجات أا هل
هي وما هي وكم هي، والأخلاط أيضاً هل هي وما هي وكم هي، والقوى هل هي وكم هي والأرواح هل هي وكم
هي وأين هي. وأن لكل تغير حال وثباته سبباً، وأن الأسباب كم هي. وأما الأعضاء ومنافعها فيجب أن يصادفها بالحس
والتشريح. والذي يجب أن يتصوره ويبرهن عليه الأمراض وأسباا الجزئية وعلاماا وأنه كيف يزال المرض وتحفظ
الصحة فإنه يلزمه أن يعطي البرهان على ما كان من هذا خفي الوجود بتفصيله وتقديره وتوفيته. و"جالينوس"، إذ حاول
إقامة البرهان على القسم الأول فلا يجب أن يحاول ذلك من جهة أنه طبيب ولكن من جهة أنه يجب أن يكون فيلسوفاً
يتكلم في العلم الطبيعي، كما أن الفقيه إذا حاول أن يثبت صحة وجوب متابعة الإجماع فليس ذلك له من جهة ما هو
فقيه، ولكن من جهة ما هو متكلم ولكن الطبيب من جهة ما هو طبيب والفقيه من جهة ما هو فقيه ليس يمكنه أن
يبرهن على ذاك بته ! وإلا وقع الدور.
التعليم الثاني
في الأركان
وهو فصل واحد الأركان هي أجسام ما، بسيطة: هي أجزاء أولية لبلن الإنسان وغيره ، وهي التي
لا يمكن أن تنقسم إلى أجزاء مختلفة بالصورة، وهي التي تنقسم المركبات إليها ويحدث بامتزاجها الأنواع المختلفة الصور
من الكائنات فليتسلم الطبيب من الطبيعي أا أربعة لا غير اثنان منها خفيفان واثنان ثقيلان، فالخفيفان النار والهواء،
والثقيلان الماء والأرض، والأرض جرم بسيط موضعه الطبيعي هو وسط الكل يكون فيه بالطبع ساكناً ويتحرك إليه
بالطبع إن كان مبايناً وذلك ثقله المطلق وهو بارد يابس في طبعه، أي طبعه طبع إذا خلي وما يوجبه ولم يغيره سبب من
خارج ظهر عنه برد محسوس ويبس. ووجوده في الكائنات وجد مفيد للاستمساك والثبات وحفظ الأشكال والهيئات.
وأما الماء فهو جرم بسيط موضعه الطبيعي أن يكون شاملاً للأرض، مشمولاً للهواء، إذا كانا على وضعيهما الطبيعيين
وهو ثقله الإضافي. وهو بارد رطب أي طبعه طبع إذا خلي وما يوجبه ولم يعارضه سبب من خارج ظهر فيه برد
محسوس، وحالة هي رطوبة، وهي كونه في جبلته بحيث يجيب بأدنى سبب إلى أن يتفرق ويتحد ويقبل أي شكل كان، ثم
لا يحفظه. ووجوده في الكائنات لتسلس الهيئات التي يراد في أجزائها التشكيل والتخطيط والتعديل، فإن الرطب وإن كان
سهل الترك للهيئات الشكلية فهو سهل القبول لها، كما أن اليابس وإن كان عسر القبول للهيئات الشكلية فهو عسر
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237

5 القانون في الطبابن
سينا
الترك لها، ومهما تخمر اليابس بالرطب استفاد اليابس من الرطب قبولا" للتمديد والتشكيل سهلاً، واستفاد الرطب من
اليابس حفظاً لما حدث فيه من التقويم والتعديل قوياً واجتمع اليابس بالرطب عن تشتته واستمسك الرطب باليابس عن
سيلانه. وأما الهواء فإنه جرم بسيط موضعه الطبيعي فوق الماء وتحت النار وهذا خفته الإضافية، وطبعه حار رطب على
قياس ما قلنا، ووجوده في الكائنات لتتخلخل وتلطف وتخف وتستقل. وأما النار فهو جرم بسيط موضعه الطبيعي فوق
الأجرام العنصرية كلها ومكانه الطبيعي هو السطح المقعر من الفلك الذي ينتهي عنده الكون والفساد وذلك خفته
المطلقة، وطبعه حار يابس، ووجوده في الكائنات لينضج ويلطف ويمتزج ويجري فيها بتنفيذه الجوهر الهوائي، وليكسر
من محوضة برد العنصرين الثقيلين الباردين فيرجعا عن العنصرية إلى المزاجية . والثقيلان أعون في كون الأعضاء وفي
سكوا. والخفيفان أعون في كون الأرواح وفي تحركها وتحريك الأعضاء وإن كان المحرك الأول هو النفس بإذن باريها
فهذه هي الأركان
التعليم الثالث
الأمزجة
وهو ثلاثة فصول الفصل الأول المزاج أقول: المزاج: كيفية حاصلة من تفاعل الكيفيات المتضادات إذا وقفت على حد
ما. ووجودها في عناصر متصغرة الأجزاء ليماس أكثر كل واحد منها أكثر الآخر . إذا تفاعلت بقواها بعضها في بعض
حدث عن جملتها كيفية متشاة في جميعها هي: المزاج والقوى الأولية في الأركان المذكورة أربع هي: الحرارة والبرودة
والرطوبة واليبوسة. وبين أن المزاجات في الأجسام الكائنة الفاسدة إنما تكون عنها، وذلك بحسب ما توجبه القسمة
العقلية بالنظر المطلق غير مضاف إلى شيء على وجهين.
وأحد الوجهين أن يكون المزاج معتدلاً على أن تكون المقادير من الكيفيات المتضادة في الممتزج متساوية متقاومة،
ويكون المزاج كيفية متوسطة بينها بالتحقيق.
والوجه الثاني أن لا يكون المزاج بيناً لكيفيات المتضادة وسطاً مطلقاً، ولكن يكون أميل إلى أحد الطرفين إما في إحدى
المتضادتين اللتين بين البرودة والحرارة والرطوبة واليبوسة، وأما في كليهما. لكن المعتبر في صناعة الطب بالاعتدال
والخروج عن الاعتدال ليس هذا ولا ذلك، بل يجب أن يتسلم الطبيب من الطبيعي.
إن المعتدل على هذا المعنى مما لا يجوز أن يوجد أصلاً، فضلاً عن أن يكون مزاج إنسان، أو عضو إنسان، وأن يعلم أن
المعتدل الذي يستعمله الأطباء في مباحثهم هو مشتق، لا من التعادل الذي هو التوازن بالسوية، بل من العدل في القسمة
وهو أن يكون قد توفر فيه على الممتزج بدناً كان بتمامه أو عضواً من العناصر بكمياا وكيفياا القسط الذي ينبغي له
في المزاج الإنساني على أعدل قسمة ونسبة. لكنه قد يعرض أن تكون هذه القسمة التي تتوفر على الإنسان قريبة جداً من
المعتدل الحقيقي الأول، وهذا الاعتدال المعتبر بحسب أبدان الناس أيضاً الذي هو بالقياس إلى غير مما ليس له ذلك
الاعتدال، وليس له قرب الإنسان من الاعتدال المذكور في الوجه الأول يعرض له ثمانية أوجه من الاعتبارات. فإنه إما أن
يكون بحسب النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه.
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237

6 القانون في الطبابن
سينا
وإما أن يكون بحسب النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو فيه.
وإما أن يكون بحسب صنف من النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه وفي نوعه وإما أن يكون بحسب صنف من
النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو فيه.
وإما أن يكون بحسب الشخص من الصنف من النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه وفي صنفه وفي نوعه.
وإما أن يكون بحسب الشخص مقيساً إلى ما يختلف من أحواله في نفسه.
وإما أن يكون بحسب العضو مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه وفي بدنه.
وإما أن يكون بحسب العضو مقيساً إلى أحواله في نفسه.
والقسم الأول: هو الاعتدال الذي للإنسان بالقياس إلى سائر الكائنات، وهو شيء له عرض وليس منحصر في حد،
وليس ذلك أيضاً كيف اتفق بل له في الإفراط والتفريط حدان، إذا خرج عنهما بطل المزاج عن أَن يكون مزاج إنسان.
وأما الثاني: فهو الواسطة بين طرفي هذا المزاج العريض، ويوجد في شخص في غاية الاعتدال من صنف في غاية الاعتدال
في السن الذي يبلغ فيه النشو غاية النمو، وهذا أيضا" وإن لم يكن الاعتدال الحقيقي المذكور في ابتداء الفصل حتى يمتنع
وجوده، فإنه مما يعسر وجوده وهذا الإنسان أيضاً إنما يقرب من الاعتدال الحقيقي المذكور، لا كيف اتفق، ولكن تتكافأ
أعضاؤه الحارة كالقلب، والباردة كالدماغ، والرطبة كالكبد، واليابسة كالعظام، فإذا توازنت وتعادلت، قربت من
الاعتدال الحقيقي، وأما باعتبار كل عضو في نفسه، إلا عضواً واحداً وهو الجلد على ما نصفه بعد. وإما بالقياس إلى
الأرواح وإلى الأعضاء الرئيسة فليس يمكن أن يكون مقارباً لذلك الاعتدال الحقيقي بل خارجاً عنه إلى الحرارة والرطوبة.
فإن مبدأ الحياة هو القلب والروح، وهما حاران جداً مائلان إلى الإفراط. والحياة بالحرارة، والنشوء بالرطوبة، بل الحرارة
تقوم بالرطوبة وتغتذي ا. والأعضاء الرئيسة ثلاثة كما سنبين بعد هذا، والبارد منها واحد وهو الدماغ. وبرده لا يبلغ
أن يعدل حر القلب والكبد. واليابس منها أو القريب من اليبوسة واحد وهو القلب، ويبوسته لا تبلغ أن تعدل مزاج
رطوبة الدماغ والكبد. وليس الدماغ أيضاً بذلك البارد، ولا القلب أيضاً بذلك اليابس، ولكن القلب بالقياس إلى الآخر
يابس، والدماغ بالقياس إلى الآخرين بارد.
وأما القسم الثالث: فهو أضيق عرضاً من القسم الأول، أعني من الاعتدال النوعي إلا أن له عرضاً صالحاً وهو المزاج
الصالح لأمةٍ من الأمم بحسب القياس إلى إقليم من الأقاليم، وهواء من الأهوية، فإن للهند مزاجاً يشمهلم يصحون به.
وللصقالبة مزاجاً آخر يخصون به ويصحون به. كل واحد منهما معتدل بالقياس إلى صنفه، وغير معتدل بالقياس إلى
الآخر. فإن البدن الهندي إذا تكيف بمزاج الصقلابي مرض أو هلك. وكذلك حال البدن الصقلابي إذا تكيف بمزاج
الهندي . فيكون إذن لكل واحد من أصناف سكان المعمورة مزاج خاص يوافق هواء إقليمه، وله عرض ولعرضه طرفا
إفراط وتفريط.
وأما القسم الرابع: فهو الواسطة بين طرفي عرض مزاج الإقليم، وهو أعدل أمزجة ذلك الصنف.
وأما القسم الخامس: فهو أضيق من القسم الأول والثالث، وهو المزاج الذي يجب
أن يكون لشخص معين حتى يكون موجوداً حيا" صحيحاً، وله أيضاً عرض يحده طرفا إفراط وتفريط. ويجب أن تعلم
أن كل شخص يستحق مزاجاً يخصه يندر، أو لا يمكن أن يشاركه فيه الآخر.وأما القسم السادس: فهو الواسطة بين

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237

7 القانون في الطبابن
سينا
هذين الحدين أيضا"، وهو المزاج الذي إذا حصل للشخص كان على أفضل ما ينبغي له أن يكون عليه.
وأما القسم السابع: فهو المزاج الذي يجب أن يكون لنوع كل عضو من الأعضاء يخالف به غيره، فإن الاعتدال الذي
للعظم هو أن يكون اليابس فيه أكثر ، وللدماغ أن يكون الرطب فيه أكثر ، وللقلب أن يكون الحار فيه أكثر، وللعصب
أن يكون البارد فيه أكثر، ولهذا المزاج أيضاً عرض يحده طرفا إفراط وتفريط هو دون العروض المذكورة في الأمزجة
المتقدمة.
وأما القسم الثامن: فهو الذي يخص كل عضو من الاعتدال حتى يكون العضو على أحسن ما يكون له في مزاجه، فهو
الواسطة بين هذين الحدين وهو المزاج الذي إذا حصل للعضو كان على أفضل ما ينبغي له أن يكون عليه. فإذا اعتبرت
الأنواع كان أقرا من الاعتدال الحقيقي هو الإنسان. وإذا اعتبرت الأصناف فقد صح عندنا أنه إذا كان في الموضع
الموازي لمعدل النهار عمارة ولم يعرض من الأسباب الأرضية أمر مضاد أعني من الجبال والبحار فيجب أن يكون سكاا
أقرب الأصناف من الاعتدال الحقيقي. وصح أن الظن الذي يقع، أن هناك خروجاَ عن الاعتدال بسبب قرب الشمس
ظن فاسد، فإن مسامتة الشمس هناك أقل نكاية وتغييرا" للهواء من مقاربتها ههنا، أو أكثر عرضا" مما ههنا وإن لم
تسامِت ثم سائر أحوالهم فاضلة متشاة، ولا يتضاد عليهم الهواء تضاداً محسوسا"، بل يشابه مزاجهم دائما". وكنا قد
عملنا في تصحيح هذا الرأي رسالة. ثم بعد هؤلاء فأعدل الأصناف سكان الاقليم الرابع، فإم لا محترقون بدوام مسامتة
الشمس رؤوسهم حيناً بعد حين بعد تباعدها عنهم كسكان أكثر الثاني والثالث، ولا فجون نيون، بدوام بعد الشمس
عن رؤوسهم كسكان أكثر الخامس ، وما هو أبعد منه عرضاً، وأما في الأشخاص فهو أعدل شخص من أعمل صنف
من أعدل نوع. وأما في الأعضاء فقد ظهر أن الأعضاء الرئيسة ليست شديدة القرب من الاعتدال الحقيقي بل يجب أن
تعلم أن اللحم أقرب الأعضاء من ذلك الاعتدال، وأقرب منه الجلد، فإنه لا يكاد ينفعل عن ماء ممزوج بالتساوي، نصفه
جمد ونصفه مغلي، ويكاد يتعادل فيه تسخين العروق والدم لتبريد العصب، وكذلك لا ينفعل عن جسم حسن الخلط من
أيبس الأجسام وأسيلها إذا كانا فيه بالسوية، وإنما يعرف أنه لا ينفعل منه لأنه لا يحس وإنما كان مثله لما كان لا ينفعل
منه، لأنه لو كان مخالفاً له لانفعل عنه، فإن الأشياء المتفقة العنصر المتضادة الطبائع ينفعل بعضها عن بعض. وإنما لا ينفعل
الشيء عن مشاركة في الكيفية إذا كان مشاركة في الكيفية شبيهة فيها. وأعدل الجلد جلد اليد، وأعدل جلد اليد جلد
الكف، وأعدله جلد الراحة، أعدله ما كان على الأصابع، وأعدله ما كان على السبابة ، وأعدله ما كان على الأنملة
منها، فلذلك هي وأنامل الأصابع الأخرى تكاد تكون هي الحاكمة بالطمع في مقادير الملموسات. فإن الحاكم يجب أن
يكون متساوي الميل إلى الطرفين جميعا حتى يحس بخروج الطرف عن التوسط والعدل. ويجب أن تعلم مع ما قد علمت
أنا إذا قلنا للدواء أنه معتدل، فلسنا نعني بذلك أنه معتدل على الحقيقة فذلك غير ممكن. ولا أيضاً أنه معتدل بالاعتدال
الإنساني في مزاجه، وإلا لكان من جوهر الإنسان بعينه. ولكنا نعني أنه إذا انفعل عن الحار الغريزي في بدن الإنسان
فتكيف بكيفية، لم تكن تلك الكيفية خارجة عن كيفية الإنسان إلى طرف من طرفي الخروج عن المساواة، فلا يؤثر فيه
أثراً مائلاً عن الاعتدال وكأنه معتدل بالقياس إلى فعله في بدن الإنسان . وكذلك إذا قلنا أنه حار أو بارد، فلسنا نعني أنه
في جوهره بغاية الحرارة أو البرودة، ولا أنه في جوهره أحر من بدن الإنسان، أو أبرد، وإلا لكان المعتدل ما مزاجه مثل
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
8 القانون في الطبابن
سينا
مزاج الإنسان. ولكنا نعني به أنه يحدث منه في بدن الإنسان حرارة أو برودة فوق اللتين له. ولهذا قد يكون الدواء بارداً
بالقياس إلى بدن الإنسان، حاراً بالقياس إلى بدن العقرب، وحاراً بالقياس إلى بدن الإنسان بارداً بالقياس إلى بدن الحية،
بل قد يكون لدواء واحد أيضاً حاراً بالقياس إلى بدن زيد، فوق كونه حاراً بالقياس إلى بدن عمرو. ولهذا يؤمر المعالجون
بأن لا يقيمون على دواء واحد في تبديل المزاج إذا لم ينجع.
وإذ قد استوفينا القول في المزاج المعتدل، فلننتقل إلى غير المعتدل، فنقول: إن الأمزجة الغير المعتدلة سواء أخذا بالقياس
إلى النوع، أو الصنف، أو الشخص، أو العضو، ثمانية بعد الاشتراك في أا مقابلة للمعتدل. وتلك الثمانية تحدث على
هذا الوجه، وهو أن الخارج عن الاعتدال إما أن يكون بسيطاً وإنما يكون خروجه في مضادة واحدة، وإما أن يكون
مركباً. وإنما يكون خروجه في المضادتين جميعاً. والبسيط الخارج في المضادة الواحدة إما في المضادة الفاعلة، وذلك على
قسمين: لأنه، إما أن يكون أحر مما ينبغي، لكن ليس أرطب مما ينبغي، ولا أيبس مما ينبغي، أو يكون أبرد مما ينبغي،
وليس أيبس مما ينبغي ولا أرطب مما ينبغي، وإما أن يكون في المضادة المنفعلة، وذلك على قسمين: لأنه، إما أن يكون
أيبس مما ينبغي وليس أحر ولا أبرد مما ينبغي، وإما أن يكون أرطب مما ينبغي وليس أحر ولا أبرد مما ينبغي. لكن هذه
الأربعة لا تستقر ولا تثبت زماناً له قدر، فإن الأحر مما ينبغي يجعل البدن أيبس مما ينبغي، والأبرد مما ينبغي يجعل البدن
أرطب مما ينبغي بالرطوبة الغريبة، والأيبس مما ينبغي سريعاً ما يجعله أبرد مما ينبغي، والأرطب مما ينبغي إن كان بإفراط
فإنه أسرع من الأيبس في تبريده، وإن كان ليس بإفراط فإنه يحفظه مدة أكثر، إلا أنه يجعله آخر الأمر أبرد مما ينبغي.
وأنت تفهم من هذا أن الاعتدال أو الصحة أشد مناسبة للحرارة منها للبرودة فهذه هي الأربع المفردة.
وأما المركّبة التي يكون الخروج فيها في المضادتين جميعاً، فمثل أن يكون المزاح أحر وأرطب معاً مما ينبغي، أو أبرد
وأرطب معاً مما ينبغي، أو أبرد وأيبس معاً. ولا يمكن أن يكون أحر وأبرد معاً ولا أرطب وأيبس معاً.
وكل واحد من هذه الأمزجة الثمانية لا يخلو إما أن يكون بلا مادة، وهو أن يحدث ذلك المزاج في البدن كيفية وحدها
من غير أن يكون قد تكيف البدن به لنفوذ خلط فيه متكيف به، فيتغير البدن إليه، مثل حرارة المدقوق وبرودة الخصر
المصرود المثلوج وإما أن يكون مع مادة وهو أن يكون البدن إنما تكيف بكيفية ذلك المزاج اورة خلط نافذ فيه غالب
عليه تلك الكيفية، مثل تبرد الجسم الإنساني بسبب بلغم زجاجي، أو تسخنه بسبب صفراء كراثي . وستجد في الكتاب
الثالث والرابع مثالاً لواحد واحد من الأمزجة الستة عشر. واعلم: أن المزاج مع المادة قد يكون على جهتين، وذلك لأن
العضو قد يكون تارةً منتفعاً في المادة متبلاً ا، وقد تكون تارةً المادة محتبسةً في مجاريه وبطونه، فربما كان احتباسها
ومداخلتها يحدث توريماً، وربما لم يكن. فهذا هو القول في المزاج، فليتسلم الطبيب من الطبيعي على سبيل الوضع ما
ليس بيناً له بنفسه.
الفصل الثاني أمزجة الأعضاء اعلم أنّ الخالق جل جلاله أعطى كل حيوان،. وكل عضو من المزاج ما هو أليق به وأصلح
لأفعاله وأحواله بحسب الإمكان له. وتحقيق ذلك إلى الفيلسوف دون الطبيب. وأعطى الإنسان أعدل مزاج يمكن أن
يكون في هذا العالم مع مناسبة لقواه التي ا يفعل وينفعل. وأعطى كل عضو ما يليق به من مزاجه، فجعل بعض
الأعضاء أحر، وبعضها أبرد، ويعضها أيبس، وبعضها أرطب.

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
9 القانون في الطبابن
سينا
فأما أحر ما في البدن فهو الروح والقلب الذي هو منشؤه، ثم الدم، فإنه وإن كان متولداً في الكبد، فإنه لاتصاله بالقلب
يستفيد من الحرارة ما ليس للكبد، ثم الكبد لأا كدم جامد، ثم الرئة، ثم اللحم، وهو أقل منها بما يخالطه من ليف
العصب البارد، ثم العضل، وهو أقل حرارة من اللحم المفرد لما يخالطه من العصب والرباط، ثم الطحال لما فيه من عكر
الدم، ثم الكِلى لأن الدم فيها ليس بالكثير، ثم طبقات العروق الضوارب لا بجواهرها العصبية، بل بما تقبله من تسخين
الدم والروح اللذين فيها، ثم طبقات العروق السواكن لأجل الدم وحده، ثم جلدة الكف المعتدلة، وأبرد ما في البدن
البلغم، ثم الشحم، ثم الشعر، ثم العظم، ثم الغضروف، ثم الرباط، ثم الوتر، ثم الغشاء، ثم العصب، ثم النخاع، ثم الدماغ،
ثم الجلد.
وأما أرطب ما في البدن فالبلغم، ثم الدم، ثم السمين، ثم الشحم، ثم الدماغ، ثم النخاع، ثم لحم الثدي، والأنثيين ، ثم
الرئة، ثم الكبد، ثم الطحال، ثم الكليتان، ثم العضل، ثم الجلد. هذا هو الترتيب الذي رتبه "جالينوس". ولكن يجب أن
تعلم أن الرئة، في جوهرها وغريزا ليست برطبة شديدة الرطوبة، لأن كل عضو شبيه في مزاجه الغريزي بما يتغذى به،
وشبيه في مزاجه العارض بما يفضل فيه. ثم الرئة تغتذي من أسخن الدم وأكثره مخالطة للصفراء. فعلمنا هذا "جالينوس"
بعينه ولكنها قد يجتمع فيها فضل كثير من الرطوبة عما يتصعد من بخارات البدن وما ينحدر إليها من الترلات. وإذا كان
الأمر على هذا فالكبد أرطب من الرئة كثيراً في الرطوبة الغريزية. والرئة أشد ابتلالاً، وإن كان دوام الابتلال قد يجعلها
أرطب في جوهرها أيضاً. وهكذا يجب أن تفهم من حال البلغم والدم من جهة، وهو أن ترطيب البلغم في أكثر الأمر هو
على سبيل البل، وترطيب الدم هو على سبيل التقرير في الجوهر. على أن البلغم الطبيعي المائي قد يكون في نفسه أشد
رطوبة. فإن الدم بما يستوفي حظه من النضج يتحلل منه شيء كثير من الرطوبة التي كانت في البلغم المائي الطبيعي الذي
استحال إليه. فستعلم بعد أن البلغم الطبيعي دم استحال بعض الاستحالة. وأما أيبس ما في البدن فالشعر، لأنه من بخار
دخاني تحلل ما كان فيه من خلط البخار وانعقدت الدخانية الصرفة، ثم العظم لأنه أصلب الأعضاء، لكنه أصلب من
الشعر، لأن كون العظم من الدم ووضعه وضع نشاف للرطوبات الغريزية متمكن منها. ولذلك ما كان العظم يغذو
كثيراً من الحيوانات والشعر لا يغذو شيئاً منها أو عسى أن يغذو نادرا" من جملتها كما قد ظن من أن الخفافيش ضمه
وتسيغه. لكنا إذا أخذنا قدرين متساويين من العظم والشعر في الوزن، فقطرناهما في القرع والإنبيق سال من العظم ماء
ودهن كثر، وبقي له ثقل أقل. فالعظم إذاً أرطب من الشعر. وبعد العظم في اليبوسة الغضروف، ثم الرباط، ثم الوتر، ثم
الغشاء، ثم الشرايين، ثم الأوردة، ثم عصب الحركة، ثم القلب، ثم عصب الحس. فإن عصب الحركة أبرد وأيبس معاً كثيراً
من المعتدل. وعصب الحس أبرد وليس أيبس كثيراً من المعتدل بل عسى أن يكون قريباً منه، وليس أيضاً كثير البعد منه
في البرد ثم الجلد.
الفصل الثالث أمزجة الأسنان والأجناس الأسنان أربعة في الجملة: سن النمو ويسمى سن الحداثة، وهو إلى قريب من
ثلاثين سنة، ثم سن الوقوف: وهو سن الشباب، وهو إلى نحو خمس وثلاثين سنة أو أربعين سنة، وسن الانحطاط مع بقاء
من القوة: وهو سن المكتهلين وهو إلى نحو ستين سنة، وسن الانحطاط مع ظهور الضعف في القوة: وهو سن الشيوخ إلى
آخر العمر.

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237

10 القانون في الطبابن
سينا
لكن سن الحداثة ينقسم إلى: سن الطفولة: وهو أن يكون المولود بعد غير مستعد الأعضاء للحركات والنهوض، وإلى
سن الصبا: وهو بعد النهوض وقبل الشدة، وهو أن لا تكون الأسنان استوفت السقوط والنبات ثم سن الترعرع: وهو
بعد الشدة ونبات الأسنان قبل المراهقة، ثم سن الغلامية والرهاق إلى أن يبقل وجهه . ثم سن الفتى: إلى أن يقفل النمو.
والصبيان أعني من الطفولة إلى الحداثة مزاجهم في الحرارة كالمعتدل، وفي الرطوبة كالزائد، ثم بين الأطباء الأقدمين
اختلاف في حرارتي الصبي والشاب، فبعضهم يرى أن حرارة الصبي أشد، ولذلك ينمو أكثر، وتكون أفعاله الطبيعية من
الشهوة والهضم كذلك كثر وأدوم، لأن الحرارة الغريزية المستفادة فيهم من المني أجمع وأحدث. وبعضهم يرى أن الحرارة
الغريزية في الشبان أقوى بكثير لأن دمهم أكثر وأمتن، ولذلك يصيبهم الرعاف أكثر وأشد، ولأن مزاجهم إلى الصفراء
أميل، ومزاج الصبيان إلى البلغم أميل، ولام أقوى حركات، والحركة بالحرارة، وهم أقوى استمراء وهضماً وذلك
بالحرارة. وأما الشهوة فليست تكون بالحرارة، بل بالبرودة، ولهذا ما تحدث الشهوة الكلبية في أكثر الأمر من البرودة،
والدليل على أن هؤلاء أشد، استمراء أنه لا يصيبهم من التهوع والقيء والتخمة ما يعرض للصبيان لسوء الهضم. والدليل
على أن مزاجهم أميل إلى الصفراء، هو أن أمراضهم حارة كلها، كحمى الغب وقيئهم صفراوي. وأما أكثر أمراض
الصبيان فإا رطبة باردة، وحميام بلغمية، وأكثر ما يقذفونه بالقيء بلغم. وأما النمو في الصبيان فليس من قوة حرارم،
ولكن لكثرة رطوبتهم وأيضاً فإن كثرة شهوم تدلّ على نقصان حرارم. هذا مذهب الفريقين واحتجاجهما.
وأما "جالينوس"، فإنه يرد على الطائفتين جميعاً، وذلك أنه يرى الحرارة فيهما متساوية في الأصل، لكن حرارة الصبيان
أكثر كمية وأقل كيفية، أي حدة. وحرارة الشبان أقل كمية وأكثر كيفية أي حدة. وبيان هذا على ما يقوله فهو أن
يتوهم أن حرارة واحدة بعينها في المقدار، أو جسماً لطيفاً حاراً واحدا" في الكيف والكم فشا تارة في جوهر رطب كثير
كالماء، وفشا أخرى في جوهر يابس قليل كالحجر، وإذا كان كذلك فإنا نجد حينئذ الماء الحار المائي أكثر كمية وألين
كيفية، والحار الحجري أقل كمية وأحد كيفية. وعلى هذا فقس وجود الحار في الصبيان والشبان، فإن الصبيان إنما
يتولدون من المني الكثير الحرارة، وتلك الحرارة لم يعرض لها من الأسباب ما يطفئها. فإن الصبي ممعن في التزيد ومتدرج
في النمو ولم يقف بعد، فكيف يتراجع.؟ وأما الشاب فلم يقع له سبب يزيد في حرارته الغريزية ولا أيضاً وقع له سبب
يطفئها بل تلك الحرارة مستحفظة فيه برطوبة أقل كمية وكيفية معاً إلى أن يأخذ في الانحطاط. وليست قلة هذه الرطوبة
تعد قلةً بالقياس إلى استحفاظ الحرارة ولكن بالقياس إلى النمو، فكأن الرطوبة تكون أولا بقدر يفي به كلا الأمرين،
فيكون بقدر ما نحفظ الحرارة وتفضل أيضاً النمو ثم تصير بآخرة بقدر لا يفي به كلا الأمرين، ثم تصير بقدر لا يفي ولا
بأحد الأمرين، فيجب أن يكون في الوسط بحيث يفي بأحد الأمرين دون الآخر. ومحال أن يقال أا تفي بالتنمية ولا
تفي بحفظ الحرارة الغريزية، فإنه كيف يزيد على الشيء ما ليس يمكنه أن يحفظ الأصل؟ فبقي أن يكون إنما يفي بحفظ
الحرارة الغريزية ولا يفي بالنمو. ومعلوم أن هذا السن هو سن الشباب.
وأما قول الفريق الثاني: أن النمو في الصبيان إنما هو بسبب الرطوبة دون الحرارة، فقول باطل. وذلك لأن الرطوبة مادة
للنمو، والمادة لا تنفعل ولا تتخلق بنفسها، بل عند فعل القوة الفاعلة فيها، والقوة الفاعلة ههنا هي نفس أو طبيعة بإذن

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237


عدل سابقا من قبل محمد مسعد في الإثنين 11 يوليو 2011, 11:16 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mmmd.yoo7.com
elkabtn2009
المدير العام
  المدير العام
avatar


دولتي : مصر
النوع : ذكر
عدد المساهمات : 1071
السٌّمعَة : 265
تاريخ التسجيل : 09/04/2011

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب القانون في الطب / ابن سينا   كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 11 يوليو 2011, 10:55 am

11 القانون في الطبابن
سينا
الله عز وجل، ولا تفعل إلاَّ بآلة هي الحرارة الغريزية. وقولهم أيضاً: إن قوة الشهوة في الصبيان إنما هي لبرد المزاج قول
باطل. فإن تلك الشهوة الفاسدة التي تكون لبرد المزاج لا يكون معها استمراء واغتذاء. والاستمراء في الصبيان في أكثر
الأوقات على أحسن ما يكون ، ولولا ذلك لما كانوا يوردون من البدل الذي هو الغذاء أكثر مما يتحلل حتى ينمو،
ولكنهم قد يعرض لهم سوء استمرائهم لشرههم وسوء تربيتهم لمطعومهم وتناولهم الأشياء الرديئة والرطبة والكثيرة
وحركام الفاسدة عليها، فلهذا تجتمع فيهم فضول أكثر، ويحتاجون إلى تنقية أكثر، وخصوصاً رئام، ولذلك نبضهم
أشد تواتراً وسرعة، وليس له عظم لأن قوم لم تتم. فهذا هو القول في مزاج الصبي والشاب على حسب ما تكفل
"جالينوس " ببيانه وعبرنا عنه.
ثمِّ يجب أن تعلم أن الحرارة بعد مدة سن الوقوف تأخذ في الإنتقاص لانتشاف الهواء المحيط مادا التي هي الرطوبة،
ومعاونة الحرارة الغريزية التي هي أيضاً من داخل، ومعاضدة الحركات البدنية والنفسانية الضرورية في المعيشة لها، وعجز
الطبيعة عن مقاومة ذلك دائماً، فإنّ جميع القوى الجسمانية متناهية. فقد تبين ذلك في العلم الطبيعي فلا يكون فعلها في
الإيراد دائماً. فلو كانت هذه القوى أيضاً غير متناهية وكانت دائمة الإيراد، ليدلّ ما يتحلّل على السواء بمقدار واحد
ولكن كان التحلل ليس بمقدار واحد، بل يزداد دائما كل يوم لما كان البدل يقاوم التحلّل، ولكن التحلل يفني الرطوبة،
فكيف والأمر أن كلاهما متظاهران أن على يئة النقصان والتراجع؟ وإذ كان كذلك فواجب ضرورة أن يفنى المادة، بل
يطفىء الحرارة وخصوصاَّ إذا كان يعين انطفاءها بسبب عون المادة سبب آخر وهو الرطوبة الغريبة التي تحدث دائماً
لعدم بدل الغذاء الهضم، فيعين على انطفائها من وجهين أحدهما بالخنق والغمر، والآخر بمضادة الكيفية لأن تلك الرطوبة
تكون بلغمية باردة، وهذا هو الموت الطبيعي المؤجل لكل شخص بحسب مزاجه الأول إلى حد تضمنه قوته في حفظ
الرطوبة.
ولكل منهم أجل مسمى ولكل أجل كتاب وهو مختلف في الأشخاص لاختلاف الأمزجة، فهذه هي الآجال الطبيعية،
وههنا آجال اخترامية غيرها ، وهي أخرى وكل بقدر، فالحاصل إذاً من هذا أن أبدان الصبيان والشبان حارة باعتدال،
وأبدان الكهول والمشايخ باردة. ولكن أبدان الصبيان أرطب من المعتدل لأجل النمو ويدل عليه التجربة، وهي من لين
عظامهم وأعصام. والقياس وهو من قرب عهدهم بالمني والروح البخاري. وأما الكهول والمشايخ خصوصاً فإم مع
أم أبرد فهم أيبس، يعلم ذلك بالتجرية من صلابة عظامهم ونشف جلودهم وبالقياس من بعد عهدهم بالمني والدم
والروح البخاري. ثم النارية متساوية في الصبيان والشبان والهوائية والمائية في الصبيان أكثر، والأرضية في الكهول
والمشايخ أكثر منها فيهما، وهي في مشايخ أكثر. والشاب معتدل المزاج فوق اعتدال الصبي، لكنه بالقياس إلى الصبي
يابس المزاج، وبالقياس إلى الشيخ والكهل حار المزاج، والشيخ أيبس من الشاب، والكهل في مزاج أعضائه الأصلية
وأرطب منهما بالرطوبة الغريبة البالَة.
وأما الأجناس في اختلاف أمزجتها فإن الإناث أبرد أمزجة من الذكور، ولذلك قصرن عن الذكور في الخلق، وأرطب
فلبرد مزاجهن تكثر فضولهن، ولقلة رياضتهن جوهر لحومهن أسخف ، وإن كان لحم الرجل من جهة تركيبه بما يخالطه
أسخف، فإنه لكثافته أشد تبرداً مما ينفذ فيه من العروق وليف العصب. وأهل البلاد الشمالية أرطب، وأهل الصناعة
المائية أرطب. والذين يخالفوم فعلى الخلاف، وأما علامات الأمزجة فسنذكرها حيث نذكر العلامات الكلية والجزئية.





كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mmmd.yoo7.com
elkabtn2009
المدير العام
  المدير العام
avatar


دولتي : مصر
النوع : ذكر
عدد المساهمات : 1071
السٌّمعَة : 265
تاريخ التسجيل : 09/04/2011

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب القانون في الطب / ابن سينا   كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 11 يوليو 2011, 10:57 am

12 القانون في الطبابن
سينا
التعليم الرابع
الأخلاط
وهو فصلان الفصل الأول ماهية الخلط وأقسامه
الخلط: جسم رطب سيال يستحيل إليه الغذاء أولاً، فمنه خلط محمود وهو الذي من شأنه أن يصير جزءاَ من جوهر
المغتذي وحده أو مع غيره، ومتشبهاً به وحده أو مع غيره. وبالجملة سادا بدل شيء مما يتحلل منه، ومنه فضل وخلط
رديء وهو الذي ليس من شأنه ذلك أو يستحيل في النادر إلى الخلط المحمود، ويكون حقه قبل ذلك أن يدفع عن البدن
وينفض.
ونقول: إن رطوبات البدن منها أولى ومنها ثانية. فالأولى: هي الأخلاط الأربعة التي نذكرها.
والثانية: قسمان: إما فضول وإما غير فضول. والفضول سنذكرها. والتي ليست بفضول هي التي استحالت عن حالة
الابتداء ونفذت في الأعضاء، إلا أا لم تصر جزء عضو من الأعضاء المفردة بالفعل التام وهي أصناف أربعة: أحدها
الرطوبة المحصورة في تجاويف أطراف العروق الصغار ااورة للأعضاء الأصلية الساقية لها.
والثانية: الرطوبة التي هي منبثّة في الأعضاء الأصلية بمترلة الطلّ ، وهي مستعدة لأن تستحيل غذاء إذا فقد البدن الغذاء
ولأنْ تبل الأعضاء إذا جفّفها سبب من حركة عنيفة أو غيرها. والثالثة: الرطوبة القريبة العهد بالانعقاد، فهي غذاء
استحال إلى جوهر الأعضاء من طريق المزاج والتشبيه، ولم تستحل بعد من طريق القوام التام.
والرابعة: الرطوبة المداخلة للأعضاء الأصلية منذ ابتداء الن  شو التي ا اتصال أجزائها ومبدؤها من النطفة ومبدأ النطفة من
الأخلاط.
ونقول أيضاً: إن الرطوبات الخلطية المحمودة والفضلية تنحصر في أربعة أجناس: جنس الدم وهو أفضلها، وجنس البلغم،
وجنس الصفراء، وجنس السوداء.
والدم: حار الطبع رطبه وهو صنفان: طبيعي وغير طبيعي، والطبيعي: أحمر اللون لا نتن له، حلو جداً. وغير الطبيعي:
قسمان فمنه ما قد تغير عن المزاج الصالح لا بشيء خالطه، ولكن بأن ساء مزاجه في نفسه فبرد مزاجه مثلا" أو سخن،
ومنه ما إنما تغير بأن حصل خلط رديء فيه وذلك قسمان: فإنه إما أن يكون الخلط ورد عليه من خارج فنفذ فيه
فأفسده، وإما أن يكون الخلط تولّد فيه نفسه مثلاً بأن يكون عفن بعضه فاستحال الطبقة مرة صفراء، وكثيفه مرة
سوداء، وبقيا أو أحدهما فيه، وهذا القسم بقسميه مختلف بحسب ما يخالطه. وأصنافه من أصناف البلغم وأصناف السوداء
وأصناف الصفراء والمائية، فيصير تارة عكراً وتارة رقيقاً وتارة أسود شديد السواد وتارة أبيض، وكذلك يتغير في رائحته
وفي طعمه فيصير مرا ومالحاً وإلى الحموضة.
وأما البلغم: فمنه طبيعي أيضاً ومنه غير طبيعي. والطبيعي: هو الذي يصلح أن يصير في وقت ما دماً لأنه دم غير تام
النضج، وهو ضرب من البلغم والحلو، وليس هو بشديد البرد بل هو بالقياس إلى البدن قليل البرد بالقياس إلى الدم
والصفراء بارد، وقد يكون من البلغم الحلو ما ليس بطبيعي، وهو البلغم الذي لا طعم له الذي سنذكره إذا اتفق أن
خالطه دم طبيعي. وكثيراً ما يحس به في النوازل وفي النفث وأما الحلو الطبيعي فإن "جالينوس" زعم أن الطبيعة إنما لم تعد
له عضواً كالمفرغة مخصوصاً مثل ما للمرتين، لأن هذا البلغم قريب الشبه من الدم وتحتاج إليه الأعضاء كلها، فلذلك

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
13 القانون في الطبابن
سينا
أجري مجرى الدم ونحن نقول: إن تلك الحاجة هي لأمرين: أحدهما ضرورة، والآخر منفعة، أما الضرورة فلسببين:
أحدهما: ليكون قريباً من الأعضاء، فمتى فقدت الأعضاء الغذاء الوارد إليها صار دماً صالحاً لاحتباس مدده من المعدة
والكبد، ولأسباب عارضة أقبلت عليه قواها بحرارته الغريزية فأنضجته وهضمته وتغذت به، وكما أن الحرارة الغريزية
تنضجه وضمه وتصلحه دماً، فكذلك الحرارة الغريبة قد تعفنه وتفسده. وهذا القسم من الضرورة ليس للمرتين، فإن
المرتين لا تشاركان البلغم في أن الحار الغريزي يصلحه دماً، وإن شاركناه في أن الحار العرضي يحيله عفناً فاسداً.
والثاني: ليخالط الدم فيهيئه لتغذية الأعضاء البلغمية المزاج التي يجب أن يكون في دمها الغاذيها بلغم بالفعل على قسط
معلوم مثل الدماغ، وهذا موجود للمرتين، وأما المنفعة فهي أن تبلّ المفاصل والأعضاء الكثيرة الحركة ، فلا يعرض لها
جفاف بسبب حركة العضو وبسبب الاحتكاك وهذه منفعة واقعة في تخوم الضرورة. وأما البلغم الغير الطبيعي فمنه
فضلي مختلف القوام حتى عند الحس وهو المخاطي، ومنه مستوي القوام في الحس مختلفة في الحقيقة وهو الخام، ومنه
الرقيق جد"ا وهو المائي منه، ومنه الغليظ جدا" وهو الأبيض المسمى بالجصي وهو الذي قد تحلل لطبقة لكثرة احتباسه في
المفاصل والمنافذ وهو أغلظ الجميع، ومن البلغم صنف مالح وهو أحر ما يكون من البلغم وأيبسه وأجفه، وسبب كل
ملوحة تحدث أن تخالط رطوبة مائية قليلة الطعم أو عديمته أجزاء أرضية محترقة يابسة المزاج مرة الطعم مخالطة باعتدال
فإا إن كثرت مررت . ومن هذا تتولد الأملاح وتملح المياه. وقد يصنع الملح من الرماد والقلي والنورة وغير ذلك بأن
يطبخ في الماء ويصفى ويغلى ذلك الماء حتى ينعقد ملحاً، أو يترك بنفسه فينعقد وكذلك البلغم الرقيق الذي لا طعم له أو
طعمه قليل غير غالب إذا خالطته مرة يابسة بالطبع، محترقة مخالطة باعتدال ملحته وسخنته فهذا بلغم صفراوي. وأما
الحكيم الفاضل "جالينوس، فقد قال: إن هذا البلغم يملح لعفونته أو لمائية خالطته. ونحن نقول: إن العفونة تملّحه بما
تحدث فيه من الاحتراق والرمادية فتخالط رطوبته. وأما المائية التي تخالطه فلا تحدث الملوحة وحدها إذا لم يقع السبب
الثاني- ويشبه أن يكون بدل أو القاسمة الواو الواصلة وحدها فيكون الكلام تاماً. ومن البلغم حامض. وكما أن الحلو
كان على قسمين: حلو لأمر في ذاته، وحلو لأمر غريب مخالط، كذلك الخامض أيضاً تكون حموضته على قسمين:
أحدهما بسبب مخالطة شيء غريب وهو السوداء الحامض الذي سنذكره. والثاني بسبب أمر في نفسه وهو أن يعرض
للبلغم الحلو المذكور أو ما هو في طريق الحلاوة ما يعرض لسائر العصارات الحلوة من الغليان أولاً، ثم التحميض ثانياً،
ومن البلغم أيضاً، عفص وحاله هذه الحال، فإنه ربما كانت عفوصته لمخالطة السوداء العفص، وربما كانت عفوصته
بسبب تبرده في نفسه تبرداً شديداً فيستحيل طعمه إلى العفوصة لجمود مائيته واستحالته لليبس إلى الأرضية قليلاً، فلا
تكون الحرارة الضعيفة أغلته فحمضته ولا القوية أنضجته. ومن البلغم نوع زجاجي ثخين غليظ يشبه الزجاج الذائب في
لزوجته وثقله، وربما كان حامضاً، وربما كان مسيخاً ويشبه أن يكون الغليظ من المسيخ منه هو الخام، أو يستحيل إلى
الخام وهذا النوع من البلغم هو الذي كان مائياً في أول الأمر بارداً، فلم يعفن ولم يخالطه شيء، بل بقي مخنوقاً حتى غلظ
وازداد برداً. ! فقد تبين إذاً، أن أقسام البلغم الفاسد من جهة طعمه أربعة: مالح وحامض وعفص و مسيخ. ومن جهة
قوامه أربعة: مائي وزجاجي ومخاطي وجصي. والخام في إعداد المخاطي.
وأما الصفراء: فمنها أيضاً طبيعي، ومنها فضل غير طبيعي، والطبيعي منها: هو رغوة الدم وهو أحمر اللون ناصعه خفيف

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
14 القانون في الطبابن
سينا
حاد، وكلما كان أسخن فهو أشد حمرة فإذا تولد في الكبد انقسم قسمين: فذهب قسم منه مع الدم، وتصفَى قسم منه
إلى المرارة. والذاهب منه مع الدم يذهب معه لضرورة ومنفعة، أما الضرورة فلتخالط الدم في تغذية الأعضاء التي تستحق
أن يكون في مزاجها جزء صالح من الصفراء وبحسب ما يستحقه من القسمة مثل الرئة، وأما المنفعة فلأن تلطف الدم
وتنفذه في المسالك الضيقة والمتصفى منه إلى المرارة يتوجه أيضاً نحو ضرورة ومنفعة، أما الضرورة فإما بحسب البدن كله
فهي تخليصه من الفضل، وإما بحسب عضو منه فهي لتغذية المرارة.
وأما المنفعة فمنفعتان: إحداهما غسلها المعي من الثفل والبلغم اللزج، والثانية لذعها المعي ولذعها عضل المقعدة لتحس
بالحاجة وتحوج إلى النهوض للتبرز. ولذلك ربما عرض قولنج بسبب سدة تقع في ارى المنحدر من المرارة إلى المعي.
وأما الصفراء الغير الطبيعي: فمنها ما خروجه من الطبيعة بسبب غريب مخالط، ومنها ما خروجه عن الطبيعة بسبب في
نفسه بأنه في جوهره غير طبيعي. والقسم الأول منه ما هو معروف مشهور وهو الذي يكون الغريب المخالط له بلغماً
وتولده في أكثر الأمر في الكبد، ومنه ما هو أقل شهرة وهو الذي يكون الغريب المخالط له سوداء، والمعروف المشهور
هو إما المرة الصفراء، وإما المرة المحية ، وذلك لأن البلغم الذي يخالطه ربما كان رقيقاً فحدث منه الأولى، وربما كان
غليظاً فحدثت منه الثانية، أي الصفراء الشبيهة بمح البيض. وأما الذي هو أقل شهرة فهو الذي يسمى صفراء محترقة.
وحدوثه على وجهين: أحدهما أن تحترق الصفراء في نفسها فيحدث فيها رمادية، فلا يتميز لَطِيُفها من رماديتها بل
تحتبس الرمادية فيها وهذا شر، وهذا القسم يسقى صفراء محترقة. والثاني: أن تكون السوداء وردت عليه من خارج
فخالطته، وهذا أسلم. ولون هذا الصنف من الصفراء أحمر، لكنه غير ناصع ولا مشرق، بل أشبه بالدم، إلا أنه رقيق وقد
يتغير عن لونه لأسباب. وأما الخارج عن الطبيعة في جوهره فمنه ما تولّد أكثر ما يتولد منه في الكبد، ومنه ما تولّد أكثر
ما يتولّد منه في المعدة، والذي تولد أكثر ما يتولد منه في الكبد هو صنف واحد وهو اللطيف من الدم إذا احترق وبقي
كثيفه سوداء، والذي تولّد أكثر ما يتولد منه مما هو في المعدة هو على قسمين: كراثي، وزنجاري، والكراثي يشبه أن
يكون متولداً من احتراق المحّي فإنه إذا احترق أحدث فيها الاحتراق سواداً وخالط الصفرة فتولّد فيما بين ذلك الخضرة.
وأما الزنجاري فيشبه أن يكون متولداً من الكراثي إذا اشتد احتراقه حتى فنيت رطوباته وأخذ يضرب إلى البياض لتجفّفه،
فإن الحرارة تحدث أولاً في الجسم الرطب سواداً، ثم يسلخ عنه السواد إذا جعلت تفني رطوبته وإذا أفرطت في ذلك
بيضته. تأمل هذا في الحطب يتفحم أولا"، ثم يترمد ، وذلك لأن الحرارة تفعل في الرطب سواداً، وفي ضده بياضاً.
والبرودة تفعل في الرطب بياضاً، وفي ضده سواداً. وهذان الحكمان مني في الكراثي والزنجاري تخمين. وهذا النوع
الزنجاري أسخن أنواع الصفراء وأردؤها وأقتلها. ويقال إنه من جوهر السمون وأما السوداء فمنها ما هو طبيعي ومنها
فضل غير طبيعي. والطبيعي دردي الدم المحمود وثفله وعكره. وطعمه بين حلاوة وعفوصة. وإذا تولد في الكبد توزع
إلى قسمين: فقسم منه ينفذ مع الدم وقسم يتوجه نحو الطحال. والقسم النافذ منه مع الدم ينفذ لضرورة ومنفعة. أما
الضرورة فليختلط بالدم بالمقدار الواجب في تغذية عضو من الأعضاء التي يجب أن يقع في مزاجها جزء صالح من السوداء
مثل العظام. وأما المنفعة فهي أنه يشد الدم ويقويه ويكثفه ويمنعه من التحلل. والقسم النافذ منه إلى الطحال وهو ما
استغنى عنه الدم ينفذ أيضاً لضرورة ومنفعة. أما الضرورة فإما بحسب البدن كله وهي التنقية عن الفضل، وأما بحسب
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
15 القانون في الطبابن
سينا
عضو وهي تغذية الطحال. وأما المنفعة، فإنما تقع عند تحلّلها إلى فم المعدة وتلك المنفعة على وجهين: أحدهما: أا تشد
فم المعدة وتكثّفه وتقويه، والثاني: أا تدغدغ فم المعدة بالحموضة فتنبه على الجوع وتحرك الشهوة. واعلم أن الصفراء
المتحلبة إلى المرارة هي ما يستغني عنه الدم. والمتحلبة عن المرارة هي ما تستغني عنه المرارة. وكذلك السوداء المتحلّبة إلى
الطحال هي ما يستغني عنه الدم. والمتحلّبة عن الطحال هي ما يستغني عنه الطحال. وكما أن تلك الصفراء الأخيرة تنبه
القوة الدافعة من أسفل كذلك هذه السوداء الأخيرة تنبه القوة الجاذبة من فوق فتبارك اللّه أحسن الخالقين وأحكم
الحاكمين.
وأما السوداء الغير الطبيعية: فهي ما ليس على سبيل الرسوب والثفلية، بل على سبيل الرمادية، والاحتراق، فإن الأشياء
الرطبة المخالطة للأرضية تتميز الأرضية منها على وجهين: إما على جهة الرسوب ومثل هذا الدم هو السوداء الطبيعي،
وإما على جهة الاحتراق بأن يتحلّل اللطيف ويبقى الكثيف. ومثل هذا الدم والأخلاط هو السوداء الفضلية تسمى المرة
السوداء، وإنما لم يكن الرسوب إلا للدم لأن البلغم للزوجته لا يرسب عنه شئ كالثفل، . والصفراء للطافتها وقلة
الأرضية فيها ولدوام حركتها، ولقلّة مقدار ما يتميز منها عن الدم في البدن لا يرسب منها شيء يعتد به وإذا تميز لم
يلبث أن يعفن أو يندفع، وإذا عفن تحلل لطيفه وبقي كثيفه سوداء احتراقية لا رسوبية.
والسوداء الفضلية: منها ما هو رماد الصفراء وحراقتها وهو مر والفرق بينه وبين الصفراء التي سميناها محترقة هو أن تلك
الصفراء يخالطها هذا الرماد، وأما هذا فهو رماد متميز بنفسه، تحلّل لطيفه، ومنها ما هو رماد البلغم وحراقته فإن كان
البلغم لطيفاً جداً مائيا" ، فإن رماديته تكون إلى الملوحة وإلا كانت إلى حموضة أو عفوصة، ومنها ما هو رماد الدم
وحراقته، وهذا مالح إلى حلاوة يسيرة، ومنها ما هو رماد السوداء الطبيعية، فإن كانت رقيقة كان رمادها وحراقتها
شديدة الحموضة كالخل يغلي على وجه الأرض حامض الريح ينفر عنه الذباب ونحوه، وإن كانت غليظة كانت أقل
حموضة ومع شيء من العفوصة والمرارة، فأصناف السوداء الرديئة ثلاثة: الصفراء إذا احترقت وتحلل لطيفها، وهذان
القسمان المذكوران بعدها. وأما السوداء البلغمية: فأبطأ ضرراً وأقل رداءة. وتترتب هذه الأخلاط الأربعة إذا احترقت
في الرداءة. فالسوداء أشدها وأشدها غائلة. وأسرعها فساداً هو الصفراوية لكنها أقبلها للعلاج. وأما القسمان الآخران
فإن الذي هو أشد حموضة أردأ، ولكنه إذا تدورك في ابتدائه كان أقبل للعلاج، وأما الثالث فهو أقل غلياناً على الأرض
وتشبثاَ بالأعضاء وأبطأ مدة في انتهائه إلى الإهلاك، ولكنه أعصى في التحلل والنضج وقبول الدواء. فهذه هي أصناف
الأخلاط الطبيعية والفضلية.
قال "جالينوس"، ولم يصب من زعم أن الخلط الطبيعي هو الدم لا غير وسائر الأخلاط فضول لا يحتاج إليها البتة،
وذلك لأن الدم لو كان وحده هو الخلط الذي يغذو الأعضاء لتشات في الأمزجة والقوام، ولما كان العظم أصلب من
اللحم إلا ودمه دم مازجه جوهر صلب سوداوي، ولما كان الدماغ ألين منه إلا وإن دمه دم مازجه جوهر لين بلغمي،
والدم نفسه تجده مخالطاً لسائر الأخلاط فينفصل عنها عند إخراجه وتقريره في الإناء بين يدي الحس إلى جزء كالرغوة
هو الصفراء، وجزء كبياض البيض هو البلغم، وجزء كالثفل والعكر هو والسوداء، وجزء مائي هو المائية التي يندفع
فضلها في البول، والمائية ليست من الأخلاط، لأن المائية هي من المشروب الذي لا يغذو وإنما الحاجة إليها لترقق الغذاء
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
15 القانون في الطبابن
سينا
عضو وهي تغذية الطحال. وأما المنفعة، فإنما تقع عند تحلّلها إلى فم المعدة وتلك المنفعة على وجهين: أحدهما: أا تشد
فم المعدة وتكثّفه وتقويه، والثاني: أا تدغدغ فم المعدة بالحموضة فتنبه على الجوع وتحرك الشهوة. واعلم أن الصفراء
المتحلبة إلى المرارة هي ما يستغني عنه الدم. والمتحلبة عن المرارة هي ما تستغني عنه المرارة. وكذلك السوداء المتحلّبة إلى
الطحال هي ما يستغني عنه الدم. والمتحلّبة عن الطحال هي ما يستغني عنه الطحال. وكما أن تلك الصفراء الأخيرة تنبه
القوة الدافعة من أسفل كذلك هذه السوداء الأخيرة تنبه القوة الجاذبة من فوق فتبارك اللّه أحسن الخالقين وأحكم
الحاكمين.
وأما السوداء الغير الطبيعية: فهي ما ليس على سبيل الرسوب والثفلية، بل على سبيل الرمادية، والاحتراق، فإن الأشياء
الرطبة المخالطة للأرضية تتميز الأرضية منها على وجهين: إما على جهة الرسوب ومثل هذا الدم هو السوداء الطبيعي،
وإما على جهة الاحتراق بأن يتحلّل اللطيف ويبقى الكثيف. ومثل هذا الدم والأخلاط هو السوداء الفضلية تسمى المرة
السوداء، وإنما لم يكن الرسوب إلا للدم لأن البلغم للزوجته لا يرسب عنه شئ كالثفل، . والصفراء للطافتها وقلة
الأرضية فيها ولدوام حركتها، ولقلّة مقدار ما يتميز منها عن الدم في البدن لا يرسب منها شيء يعتد به وإذا تميز لم
يلبث أن يعفن أو يندفع، وإذا عفن تحلل لطيفه وبقي كثيفه سوداء احتراقية لا رسوبية.
والسوداء الفضلية: منها ما هو رماد الصفراء وحراقتها وهو مر والفرق بينه وبين الصفراء التي سميناها محترقة هو أن تلك
الصفراء يخالطها هذا الرماد، وأما هذا فهو رماد متميز بنفسه، تحلّل لطيفه، ومنها ما هو رماد البلغم وحراقته فإن كان
البلغم لطيفاً جداً مائيا" ، فإن رماديته تكون إلى الملوحة وإلا كانت إلى حموضة أو عفوصة، ومنها ما هو رماد الدم
وحراقته، وهذا مالح إلى حلاوة يسيرة، ومنها ما هو رماد السوداء الطبيعية، فإن كانت رقيقة كان رمادها وحراقتها
شديدة الحموضة كالخل يغلي على وجه الأرض حامض الريح ينفر عنه الذباب ونحوه، وإن كانت غليظة كانت أقل
حموضة ومع شيء من العفوصة والمرارة، فأصناف السوداء الرديئة ثلاثة: الصفراء إذا احترقت وتحلل لطيفها، وهذان
القسمان المذكوران بعدها. وأما السوداء البلغمية: فأبطأ ضرراً وأقل رداءة. وتترتب هذه الأخلاط الأربعة إذا احترقت
في الرداءة. فالسوداء أشدها وأشدها غائلة. وأسرعها فساداً هو الصفراوية لكنها أقبلها للعلاج. وأما القسمان الآخران
فإن الذي هو أشد حموضة أردأ، ولكنه إذا تدورك في ابتدائه كان أقبل للعلاج، وأما الثالث فهو أقل غلياناً على الأرض
وتشبثاَ بالأعضاء وأبطأ مدة في انتهائه إلى الإهلاك، ولكنه أعصى في التحلل والنضج وقبول الدواء. فهذه هي أصناف
الأخلاط الطبيعية والفضلية.
قال "جالينوس"، ولم يصب من زعم أن الخلط الطبيعي هو الدم لا غير وسائر الأخلاط فضول لا يحتاج إليها البتة،
وذلك لأن الدم لو كان وحده هو الخلط الذي يغذو الأعضاء لتشات في الأمزجة والقوام، ولما كان العظم أصلب من
اللحم إلا ودمه دم مازجه جوهر صلب سوداوي، ولما كان الدماغ ألين منه إلا وإن دمه دم مازجه جوهر لين بلغمي،
والدم نفسه تجده مخالطاً لسائر الأخلاط فينفصل عنها عند إخراجه وتقريره في الإناء بين يدي الحس إلى جزء كالرغوة
هو الصفراء، وجزء كبياض البيض هو البلغم، وجزء كالثفل والعكر هو والسوداء، وجزء مائي هو المائية التي يندفع
فضلها في البول، والمائية ليست من الأخلاط، لأن المائية هي من المشروب الذي لا يغذو وإنما الحاجة إليها لترقق الغذاء
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
16 القانون في الطبابن
سينا
وتنفذه وأما الخلط فهو من المأكول والمشروب الغاذي ومعنى قولنا غاد، أي هو بالقوة شبيه بالبدن والذي هو بالقوة
شبيه بدن الإنسان هو جسم ممتزج لا بسيط، والماء هو بسيط، ومن الناس من يظن أن قوة البدن تابعة لكثرة الدم،
وضعفه تابع لقلته، وليس كذلك بل المعتبر حال رزء البدن منه أي حال صلاحه ومن الناس من يظن أن الأخلاط إذا
زادت أو نقصت بعد أن تكون على النسبة التي يقتضيها بدن الإنسان في مقادير بعضها عند بعض، فإن الصحة محفوظة
وليس كذلك، بل يجب أن يكون لكل واحد من الأخلاط مع ذلك تقدير في الكم محفوظ ليس بالقياس إلى خلط آخر،
بل في نفسه مع حفظ التقدير الذي بالقياس إلى غيره. وقد بقي في أمور الأخلاط مباحث ليست تليق بالأطباء أن يبحثوا
فيها، إذ ليست من صناعتهم بل بالحكماء فأعرضنا عنها.
الفصل الثاني كيفية تولد الأخلاط
فاعلم أن الغذاء له اضام إما بالمضغ، وذلك بسبب أن سطح الفم متصل بسطح المعدة، بل كأنهما سطح واحد، وفيه
منه قوة هاضمة، فإذا لاقى الممضوغ أحاله إحالة ما، ويعينه على ذلك الريق المستفيد بالنضج الواقع فيه حرارة غريزية،
ولذلك ما كانت الحنطة الممضوغة تفعل من إنضاج الدماميل والخراجات ما لا تفعله المدقوقة بالماء والمطبوخة فيه. قالوا:
والدليل على أن الممضوغ قد بدا فيه شيء من النضج أنه لا يوجد فيه الطعم الأول، ولا رائحته الأولى، ثم إذا ورد على
المعدة، اضم الاضام التام لا بحرارة المعدة وحدها بل بحرارة ما يطيف ا أيضاً أما من ذات اليمين فالكبد، وأما من
ذات اليسار الطحال، فإن الطحال قد يسخن لا بجوهره بل بالشرايين والأوردة الكثيرة التي فيه، وأما من قدام فبالثرب
الشخمي القابل للحرارة سريعاً بسبب الشحم المؤديها إلى المعدة، وإما من فوق فالقلب يتوسط تسخينه للحجاب، فإذا
اضم الغذاء أولاً صار بذاته. في كثير من الحيوان، وبمعونة ما يخالطه من المشروب في أكثرها كيلوساً وهو جوهر سيال
شبيه ،بماء الكشك الثخين، أو ماء الشعير ملاسة وبياضاً، ثم إنه بعد ذلك ينجذب لطيفه من المعدة ومن الأمعاء أيضاَ،
فيندفع من طريق العروة المسماة ماساريقا، وهي عروق دقاق صلاب متصلة بالأمعاء كلها، فإذا اندفع فيها صار إلى
العرق المسمى باب الكبد ونفذ في الكبد في أجزاء وفروع للباب داخلة متصغرة مضائلة كالشعر ملاقية لفوهات أجزاء
أصول العرق الطالع من حدبة الكبد. وإن تنفذه في تلك المضايق فينا الأفضل مزاج من الماء مشروب فوق المحتاج إليه
للبدن، فإذا تفرق في ليف هذه العروق صار كأن الكبد بكليتها ملاقية لكلية هذا الكيلوس، وكان لذلك فعلها فيه أشد
وأسرع، وحينئذ ينطبخ وفى كل انطباخ لمثله شيء كالرغوة وشيء كالرسوب. وربما كان معهما إما شيء هو إلى
الاحتراق إن أفرط الطبخ، أو شيء كالفج إن قصر الطبخ فالرغوة هي الصفراء، والرسوب هي السوداء، وهما طبيعيان.
والمحترق لطيفه صفراء رديئة، وكثيفه سوداء رديئة، غير طبيعيين. والفج هو البلغم. وأما الشيء المتصفي من هذه الجملة
نضيجاً فهو الدم إلا أنه بعد ما دام في الكبد يكون أرق مما ينبغي لفضل المائية المحتاج إليها للعلة المذكورة ولكن هذا
الشيء الذي هو الدم إذا انفصل عن الكبد، فكما ينفصل عنه يتصفى أيضاً عن المائية الفضلية التي إنما احتيج إليها لسبب
وقد ارتفع فتنجذب هي عنه في عرق نازل إلى الكليتين، ويحمل مع نفسه من الدم ما يكون بكميته وكيفيته صالحاً لغذاء
الكليتين، فيغذو الكليتين الدسومة والدموية من تلك المائية، ويندفع باقيها إلى المثانة والى الإحليل.
وأما الدم الحسن القوام فيندفع في العرق الطالع من حدبة الكبد ويسلك في الأوردة المتشعبة منه، ثم في جداول الأوردة،
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
17 القانون في الطبابن
سينا
ثم في سواقي الجداول، ثم في رواضع السواقي، ثم في العروق الليفية الشعرية، ثم يرشح من فوهاا في الأعضاء بتقدير
العزيز العليم. فسبب الدم الفاعلي هو حرارة معتدلة، وسببه المادي هو المعتدل من الأغذية والأشربة الفاضلة، وسببه
الصوري النضج الفاضل، وسببه التمامي تغذية البدن. والصفراء سببها الفاعلي، أما الطبيعي منها الذي هو رغوة الدم
فحرارة معتدلة، وأما للمحترقة منها فالحرارة النارية المفرطة، وخصوصاً في الكبد، وسببها المادي هو اللطيف الحار والحلو
الدسم. والحريف من الأغذية، وسببها الصوري مجاوزة النضج إلى الإفراط، وسببها التمامي الضرورة والمنفعة
المذكورتان. والبلغم سببه الفاعلي حرارة مقصرة، وسببه المادي الغليظ الرطب اللزج البارد من الأغذية. وسببه الصوري
قصور النضج، وسببه التمامي ضرورته ومنفعته المذكورتان. والسوداء سببها الفاعلي. أما الرسوبي منها فحرارة معتدلة.
وأما المحترق منها فحرارة مجاوزة للاعتدال وسبهها المادي الشديد الغلظ القليل الرطوبة من الأغذية، والحار منها قوي في
ذلك وسببها الصوري الثفل المترسب على أحد الوجهين فلا يسيل أو لا يتحلل، وسببها التمامي ضرورا ومنفعتها
المذكورتان. والسوداء تكثر لحرارة الكبد أو لضعف الطحال، أو لشدة برد مجمد، أو لدوام احتقان، أو لأمراض كثرت
وطالت فرمدت الأخلاط. وإذا كثرت السوداء ووقفت بين المعدة والكبد قل معها تولد الدم والأخلاط الجيدة فقلّ الدم.
ويجب أن تعلم أن الحرارة والبرودة سببان لتولد الأخلاط مع سائر الأسباب، لكن الحرارة المعتدلة يولّد الدم، والمفرطة
تولد الصفراء، والمفرطة جدا تولد السوداء بفرط الاحتراق، والبرودة تولد البلغم، والمفرطة جدا تولد السوداء بفرط
الإجماد، ولكن يجب أن تراعى القوى المنفعلة بإزاء القوى الفاعلة، وليس يجب أن يقف الاعتقاد على أن كل مزاج يولد
الشبيه به ولا يولد الضد بالعرض، وإن لم يكن بالذات، فإن المزاج قد يتفق له كثيراً أن يولد الضد، فإن المزاج البارد
اليابس يولد الرطوبة الغريبة لا للمشاكلة، ولكن لضعف الهضم، ومثل هذا الإنسان يكون نحيفاً رخو المفاصل، أذعر
الفصل التاسع في أحوال الأدوية المسهلة من الأدوية المسهلة ما غائلته عظيمة مثل الخربق الأسود، ومثل التربد إذا لم يكن
أبيض جيداً، بل كان من جنس الأصفر، ومثل الغاريقون إذا لم يكن أبيض خالصاً، بل كان إلى السواد، وكالمازريون،
فإن هذه الأشياء رديئة، فإذا اتفق شرب شيء من ذلك، وعرضت أعراض رديئة، فالصواب أن يدفع الدواء عن البدن ما
أمكن بقيء أو إحدار، وليعالج بالترياق وكثيراً منها ما يدفع شره وإفساده للنفس بسقي الماء البارد جداً، والجلوس فيه
كالتربد الأصفر والعفن، وبكل ما يكسر الحدة أيضاً بتغرية وتليين ودسومة فيها غروية، فينفع من ذلك.
وقد يناسب بعض الأدوية بعض الأمزجة ولا يناسب بعضها، فإن السقمونيا لا يعمل في أهل البلدان الباردة إلا فعلاً
ضعيفاً ما لم يستعمل منه مقدار كثير، كعادته في بلاد الترك، وربما احتيج في بعض البلدان والأبدان إلى أن لا يستعمل
أجرام الأدوية بل قواها. ومن الواجب أن يخلط بالأدوية المسهلة الأدوية العطرية ليحفظ ا قوى الأعضاء والأدوية الطيبة
حسنة الموقع من ذلك، لأا تقوي الروح الحيواني في كل عضو. وأكثرها معين بتلطيفه وتسييله، وقد يجتمع دواءان:
أحدهما سريع الإسهال لخلطه والآخر بطيء، فيفرغ الأول من فعله قبل ابتداء الثاني في فعله، وقد يزاحم الثاني في خلطه
أيضاً مزاحمة تكسر قوته ، وإذا ابتدأ الثاني بعده، كان ضعيف القوة محركاً غير بالغ فيجب أن يركب معه ما يستعمله
بسرعة كالزنجبيل للتربد، فإنه لا يدعه يتبلد إلى حين، ولذلك جوذب الخلط بينهما.
ويجب أن تتأمل أصولاً بيناها في قوى الأدوية المسهلة، حيث تكلّمنا في أصول كلية للأدوية المفردة. والدواء المسهل قد
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
18 القانون في الطبابن
سينا
يسهل بالتحليل مع خاصية كالتربد وقد يسهل بالعصر مع خاصية كالهليلج، وقد يسهل بالتليين مع خاصية
كالشيرخشك ، وقد يسهل بالإزلاق كلعاب بزرقطونا والإجاص. وأكثر الأدوية القوية فيها سمية ما فيسهل على سبيل
قسر الطبيعة، فيجب أن يصلحها بما فيه فادزهرية، وقد تعين المرارة والحرافة والقبض والعفونة والحموضة كثيراً على فعل
الدواء إذا وافقت خاصيته، فإن المرارة والحرافة تعينان على التحليل. والعفوصة على العصر. والحموضة على التقطيع المعد
للإزلاق. ويجب أن لا يجمع بين مزلق وعاصر على وجه تتكافأ فيه قوتاهما، بل يصلح في مثله أن يتباطأ أحدهما عن
الآخر، فيكون مثل أحد الدواءين مليناً يفعل فعله قبل فعل العاصر، ثم يلحق العاصر فيسهل ما لينه وعلى هذا القياس.
جباناَ بارد اللمس ناعمه ضيق العروق. وشبيه ذا ما تولد الشيخوخة البلغم على أن مزاج الشيخوخة بالحقيقة برد
ويبس. ويجب أن تعلم أن للدم وما يجري معه في العروق هضماً ثالثاَ، وإذا توزع على الأعضاء فليصب كل عضو عنده
هضم رابع، ففضل الهضم الأول وهو في المعدة يندفع من طريق الأمعاء. وفضل الهضم الثاني وهو في الكبد يندفع أكثره
في البول وباقيه من جهة الطحال والمرارة، وفضل الهضمين الباقيين يندفع بالتحلل الذي لا يحس وبالعرق والوسخ الخارج
بعضه من منافذ محسوسة كالأنف والصماخ ، أو غير محسوس كالمسام، أو خارجة عن الطبع كالأورام المتفجرة، أو بما
ينبت من زوائد البدن كالشعر والظفر. واعلم أن من رقت أخلاطه أضعفه استفراغها، وتأذى بسعة مسامه إن كانت
واسعة تأذياً في قوته لما يتبع التحلل من الضعف، ولأن الأخلاط الرقيقة سهله الاستفراغ والتحلل وما سهل استفراغه
وتحلّله سهل استصحابه للروح في تحلله فيتحلل معه. واعلم أنه كما أن لهذه الأخلاط أسباباً في تولدها، فكذلك لها
أسباب في حركتها فإن الحركة والأشياء الحارة تحرك الدم والصفراء وربما حركت السوداء، وتقويها لكن الدعة تقوي
البلغم وصنوفاً من السوداء . والأوهام أنفسها تحرك الأخلاط مثل أن الدم يحركه النظر إلى الأشياء الحمر، ولذلك ينهى
المرعوف عن أن يبصر ماله بريق أحمر، فهذا ما نقوله في الأخلاط وتولدها وأما مخاصمات المخالفين في صواا فإلى
الحكماء دون الأطباء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mmmd.yoo7.com
elkabtn2009
المدير العام
  المدير العام
avatar


دولتي : مصر
النوع : ذكر
عدد المساهمات : 1071
السٌّمعَة : 265
تاريخ التسجيل : 09/04/2011

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب القانون في الطب / ابن سينا   كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 11 يوليو 2011, 11:01 am

التعليم الخامس
فصل واحد وخمس جمل
ماهية العضو وأقسامه
فنقول الأعضاء أجسام متولدة من أول مزاج الأخلاط المحمودة، كما أن الأخلاط أجسام متولدة من أول مزاج
الأركان.
والأعضاء: منها ما هي مفردة، ومنها ما هي مركبة. والمفردة هي التي أي جزء محسوس أخذت منها كان مشاركاً للكل
في الاسم والحد مثل اللحم وأجزائه والعظم وأجزائه والعصب وأجزائه وما أشبه ذلك تسمى متشاة الأجزاء.
والمركبة: هي التي إذا أخذت منها جزءاً أي جزء كان لم يكن مشاركاً للكل، لا في الاسم، ولا في الحد مثل اليد والوجه
فإن جزء الوجه ليس بوجه، وجزء اليد ليس بيد، وتسمى أعضاء آلية لأا هي آلات النفس في تمام الحركات والأفعال.
وأول الأعضاء المتشاة الأجزاء العظم: وقد خلق صلباً لأنه أساس البدن ودعامة الحركات.

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
19 القانون في الطبابن
سينا
ثم الغضروف: وهو ألين من العظم فينعطف وأصلب من سائر الأعضاء، والمنفعة في خلقه أن يحسن به اتصال العظام
بالأعضاء اللينة فلا يكون الصلب واللين قد تركبا بلا متوسط فيتأذى اللين بالصلب، وخصوصاً عند الضربة والضغطة،
بل يكون التركيب مدرجاً مثل ما في العظم الكتفي والشراسيف في أضلاع الخلف، ومثل الغضروف الحنجري تحت
الق  ص ، وأيضاً ليحسن به تجاور المفاصل المتحاكة فلا ترض لصلابتها، وأيضاَ، إذا كان بعض العضل يمتد إلى عضو غير
ذي عظم يستند إليه ويقوى به مثل عضلات الأجفان، كان هناك دعاماً وعماداً لأوتارها، وأيضاً فإنه قد تمس الحاجة
في مواضع كثيرة إلى اعتماد يتأتى على شيء قوِيٍ ليس بغاية الصلابة كما في الحنجرة.
ثم العصب: وهي أجسام دماغية أو نخاعية المنبت بيض لدنة لينة في الانعطاف صلبة
في الانفصال خلقت ليتم ا للأعضاء الإحساس والحركة، ثم الأوتار وهي أجسام تنبت من أطراف العضل شبيهة
بالعصب فتلاقي الأعضاء المتحركة فتارة تجذا بانجذاا لتشنج العضلة واجتماعها ورجوعها إلى ورائها، وتارة ترخيها
باسترخائها لانبساط العضلة عائدة إلى وضعها أو زائدة فيه على مقدارها في طولها حال كوا على وضعها المطبوع لها
على ما نراه نحن في بعض العضل، وهي مؤلفة في الأكثر من العصب النافذ في العضلة البارزة منها في الجهة الأخرى.
ومن الأجسام التي يتلو ذكرها ذكر الأوتار وهي التي تسميها رباطات: وهي أيضاً عصبانية المرائي والملمس تأتي من
الأعضاء إلى جهة العضل فتتشظّى هي والأوتار ليفاً، فما ولي العضلة منها احتشى لحماً، وما فارقها إلى المفصل والعضو
المحرك اجتمع إلى ذاته وانفتل وتراً لها، ثم الرباطات التي ذكرنا وهي أيضاً أجسام شبيهة بالعصب بعضها يسمى رباطاً
مطلقاً، وبعضها يخص باسم العقب، فما امتد إلى العضلة لم يسم إلا رباطاً، وما لم يمتد إليها ولكن وصل بين طرفي
عظمي المفصل أو بين أعضاء أخرى وأحكم شد شيء إلى شيء فإنه مع ما يسمى رباط قد يخص باسم العقب، وليس
لشيء من الروابط حس وذلك لئلا يتأذى بكثرة ما يلزمه من الحركة والحك. ومنفعة الرباط معلومة مما سلف.
ثم الشريانات: وهي أجسام نابتة من القلب ممتدة مجوفة طولاً عصبانية رباطية الجوهر، لها حركات منبسطة ومنقبضة
تنفصل بسكنات خلقت لترويح القلب، ونفض البخار الدخاني عنه ولتوزيع الروح على أعضاء البدن بإذن الله.
ثم الأوردة: وهي شبيهة بالشريانات ولكنها نابتة من الكبد وساكنة، ولتوزع الدم على أعضاء البدن، ثم الأغشية وهي
أجسام منتسجة من ليف عصباني غير محسوس رقيقة الثخن مستعرضة تغشى سطوح أجسام أخر وتحتوي عليها لمنافع
منها لتحفظ جملتها على شكلها وهيئتها، ومنها لتعلقها من أعضاء أخر وتربطها ا بواسطة العصب والرباط التي تشظى
إلى ليفها فانتسجت منه كالكلية من الصلب، ومنها ليكون للأعضاء العديمة الحس في جوهرها سطح حساس بالذات لما
يلاقيه وحساس لما يحدث فيه الجسم الملفوف فيه بالعرض وهذه الأعضاء مثل الرئة والكبد والطحال والكليتين فإا لا
تحس بجواهرها البتة، لكن إنما تحس الأمور المصادمة لها بما عليها من الأغشية وإذا حدث فيها ريح أو ورم أحس. أما
الريح فيحسه الغشاء بالعرض للتمدد الذي يحدث فيه، وأما الورم فيحسه مبدأ الغشاء ومتعلقه بالعرض لأرجحنان العضو
لثقل الورم.
ثم اللحم: وهو حشو خلل وضع هذه الأعضاء في البدن وقوا التي تعدم به وكل عضو فله في نفسه قوة غريزية ا يتم
له أمر التغذي، وذلك هو جذب الغذاء وإمساكه وتشبيهه وإلصاقه ودفع الفضل، ثم بعد ذلك تختلف الأعضاء فبعضها له
إلى هذه القوة قوة تصير منه إلى غيره، وبعضها ليس له ذلك. ومن وجه آخر فبعضها له إلى هذه القوة قوة تصير إليه من
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237 كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
20 القانون في الطبابن
سينا
غيره، وبعضها ليس له تلك فإذا تركبت حدث عضو قابل معطٍ ، وعضو معطٍ غير قابل، وعضو قابل غير معط وعضو
لا قابل ولا معطٍ ، أما العضو القابل المعطي فلم يشك أحد في وجوده، فإن الدماغ والكبد أجمعوا أن كل واحد منهما
يقبل قوة الحياة والحرارة الغريزية والروح من القلب. وكل واحد منهما أيضاً مبدأ قوة يعطيها غيره.
أما الدماغ: فمبدأ الحس عند قوم مطلقاً وعند قوم لا مطلقاً.
وأما الكبد: فمبدأ التغذية عند قوم مطلقاً وعند قوم لا مطلقاً.
وأما العضو القابل الغير المعطي فالشك في وجوده أبعد مثل اللحم القابل قوة الحس والحياة، وليس هو مبدأ لقوة يعطيها
غيره بوجه. وأما القسمان الآخران فاختلف في أحدهما الأطباء مع الكثير من الحكماء فقال الكثير من القدماء: أن هذا
العضو هو القلب وهو الأصل لكل قوة وهو يعطي سائر الأعضاء كلّها القوى التي تغذو والتي تدرك وتحرك. وأما الأطباء
وقوم من أوائل الفلاسفة فقد فرقوا هذه القوى في الأعضاء ولم يقولوا بعضو معط غير قابل لقوة، وقول الكثير عند
التحقيق والتدقيق أصح، وقول الأطباء في بادىء النظر أظهر.
ثم اختلف في القسم الآخر الأطباء فيما بينهم، والحكماء فيما بينهم، فذهبت طائفة إلى أن العظام واللحم الغير الحساس
وما أشبههما إنما يبقى بقوى فيها تخصها لم تأا من مبادٍ أخر ، لكنها بتلك القوى إذا وصل إليها غذاؤها كفت أنفسها
فلا هي تفيد شيئاً اَخر قوة فيها، ولا أيضاً يفيدها عضو قوة أخرى. وذهبت طائفة إلى أن تلك القوى ليس تخضها لكنها
فائضة إليها من الكبد أو القلب في أول الكون ثم استقرت فيه والطبيب ليس عليه أن يتتبع المخرج إلى الحق من هذين
الاختلافين بالبرهان فليس له إليه سبيل من جهة ما هو طبيب ولا يضره في شيء من مباحثه وأعماله، ولكن يجب أن
يعلم ويعتقد في الاختلاف الأول أنه لا عليه كان القلب مبدأ في الحس والحركة للدماغ وللقوة المغتذية للكبد، أو لم يكن
فإن الدماغ إما بنفسه وإما بعد القلب مبدأ للأفاعيل النفسانية بالقياس إلى سائر الأعضاء. والكبد كذلك مبدأ للأفعال
الطبيعية المغذية بالقياس إلى سائر الأعضاء.
ويجب أن يعلم ويعتقد في الاختلاف الثاني أنه لا عليه كان حصول القوة الغريزية في مثل العظم عند أول الحصول من
الكبد، أو يستحقه بمزاجه نفسه، أو لم يكن ولا واحد منهما، ولكن الآن يجب أن يعتقد أن تلك القوة ليست فائضة إليه
من الكبد بحيث لو انسد السبيل بينهما وكان عند العظم غذاء مغذِ بطل فعله كما للحس والحركة إذا انسد العصب
الجائي من الدماغ، بل تلك القوة صارت غريزية للعظم ما بقي على مزاجه، فحينئذ ينشرح له حال القسمة ويفترض له
أعضاء رئيسية، وأعضاء خادمة للرئيسة، وأعضاء مرؤوسة بلا خدمة، وأعضاء غير رئيسة ولا مرؤوسة. فالأعضاء
الرئيسة هي الأعضاء التي هي مبادٍ للقوى الأولى في البدن المضطر إليها في بقاء الشخص أو النوع.
أما بحسب بقاء الشخص فالرئيسة ثلاث القلب وهو مبدأ قوة الحياة، والدماغ وهو مبدأ قوة الحس والحركة، والكبد هو
مبدأ قوة التغذية. وأما بحسب بقاء النوع فالرئيسة هذه الثلاثة أيضاَ، ورابع يخص النوع وهو الانثيان اللذان يضطر إليهما
لأمر وينتفع ما لأمر أيضاً. أما الاضطرار فلأجل توليد المني الحافظ للنسل، وأما الانتفاع فلأجل إفادة تمام الهيئة والمزاج
الذكوري والأنوثي اللذين هما من العوارض اللازمة لأنواع الحيوان، لا من الأشياء الداخلة في نفس الحيوانية. وأما
الأعضاء الخادمة فبعضها تخدم خدمة مهيئة وبعضها تخدم خدمة مؤدية، والخدمة المهيئة تسمى منفعة والخدمة المؤدية
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
21 القانون في الطبابن
سينا
تسمى خدمة على الاطلاق، والخدمة المهيئة تتقدم فعل الرئيس، والخدمة المؤدية تتأخر عن فعل الرئيس. أما القلب
فخادمه المهيء هو مثل الرئة والمؤدي مثل الشرايين. وأما الدماغ فخادمه المهيئ هو مثل الكبد وسائر أعضاء الغذاء
وحفظ الروح، والمؤدي هو مثل العصب. وأما الكبد فخادمه المهيئ هو مثل المعدة، والمؤدي هو مثل الأوردة. وأما
الانتيان فخادمهما المهيء مثل الأعضاء المولّدة للمني قبلها، وأما المؤدي ففي الرجال الإحليل وعروق بينهما وبينه،
وكذلك في النساء عروق يندفع فيها المني إلى المحبل، وللنساء زيادة الرحم تتم فيه منفعة المني. وقال "جالينوس": إن من
الأعضاء ما له فعل فقط، ومنها ما له منفعة فقط، ومنها ما له فعل ومنفعة معاً. الأول كالقلب، والثاني كالرئة، والثالث
كالكبد.
وأقول: أنه يجب أن نعني بالفعل ما يتم بالشيء وحده من الأفعال الداخلة في حياة الشخص أو بقاء النوع مثل ما للقلب
في توليد الروح، وأن نعني بالمنفعة ما هي لقبول فعل عضو آخر حينئذ يصير الفعل تاما في إفادة حياة الشخص، أو بقاء
النوع كإعداد الرئة للهواء، وأما الكبد فإنه يهضم أولاً هضمه الثاني ويعد للهضم الثالث والرابع فيما يهضم الهضم الأول
تاما حتى يصلح ذلك الدم لتغذيته نفسه، ويكون قد فعل فعلاً وربما قد يفعل فعلاً عيناً لفعل منتظر يكون قد نفع. ونقول
أيضاً من رأس: أن من الأعضاء ما يتكون عن المني وهي المتشاة جزءاً خلا اللحم والشحم، ومنها ما يتكون عن الدم
كالشحم واللحم فإن ما خلاهما يتكون عن المنيين مني الذكر ومني الأنثى، إلا أا على قول من تحقق من الحكماء يتكون
عن مني الذكر كما يتكون الجبن عن الأنفحة ، ويتكون عن مني الأنثى ما يتكون الجبن من اللبن، وكما أن مبدأ العقد
في الأنفحة كذلك مبدأ عقد الصورة في مني الذكر، وكما أن مبدأ الانعقاد في اللبن فكذلك مبدأ انعقاد الصورة أعني
القوة المنفعلة هو في مني المرأة، وكما أن كل واحد من الأنفحة واللبن جزء من جوهر الجبن الحادث عنها كذلك كل
واحد من المنيين جزء من جوهر الجنين. وهذا القول يخالف قليلاً بل كثيراً قول "جالينوس "، فإنه يرى في كل واحد من
المنيين قوة عاقدة وقابلة للعقد، ومع ذلك فلا يمتنع أن يقول: إن العاقدة في الذكوري أقوى والمنعقدة في الأنوثي أقوى،
وأما تحقيق القول في هذا ففي كتبنا في العلوم الأصلية. ثم إن الدم الذي كان ينفصل عن المرأة في الأقراء يصير غذاء،
فمنه ما يستحيل إلى مشاة جوهر المني والأعضاء الكائنة منه، فيكون غذاء منمياً له ومنه ما لا يصير غذاء لذلك، ولكن
يصلح لأن ينعقد في حشوه ويملأ الأمكنة من الأعضاء الأولى فيكون لحماً وشحماً، ومنه فضل لا يصلح لأحد الأمرين
فيبقى إلى وقت النفاس فتدفعه الطبيعة فضلاً. وإذا ولد الجنين فإن الدم الذي يولده كبده يسد مسد ذلك الدم، ويتولد
عنه ما كان يتولد عن ذلك الدم، واللحم يتولّد عن متين الدم ويعقده الحر واليبس. وأما الشحم فمن مائيته ودسمه
ويعقده البرد، ولذلك يحله الحر وما كان من الأعضاء متخلفاً من المنيين فإنه إذا انفصل لم ينجبر بالاتصال الحقيقي إلا
بعضه في قليل من الأحوال، وفي سن الصبا مثل العظام وشعب صغيرة من الأرودة دون الكبيرة ودون الشرايين، وإذا
انتقص منه جزء لم ينبت عوضه شيء وذلك كالعظم والعصب وما كان متخلّقاً من الدم فإنه ينبت بعد انثلامه ويتصل
بمثله كاللحم، وما كان متولداً عن دم فيه قوة المني بعد فما دام العهد بالمني قريباً فذلك العضو إذا فات أمكن أن ينبت
مرة أخرى مثل السن في سن الصبا ، وأما إذا استولى على الدم مزاج آخر فإنه لا ينبت مرة أخرى. ونقول أيضاً: إن
الأعضاء الحساسة المتحركة قد تكون تارة مبدأ الحس والحركة لهما جميعاً عصبة واحدة، وقد يفترق تارة ذلك فيكون
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
22 القانون في الطبابن
سينا
مبداً لكل قوة عصبة.
ونقول أيضاً: ان جميع الأحشاء الملفوفة في الغشاء منبت غشائها أحد غشاءي الصدر والبطن المستبطنين، أما ما في
الصدر كالحجاب والأوردة والشريانات والرئة فمنيت أغشيتها من الغشاء المستبطن للأضلاع، وأما ما في الجوف من
الأعضاء والعروق فمنبت أغشيتها من الصفاق المستبطن لعضل البطن وأيضاً فإن جميع الأعضاء اللحمية إما ليفية كاللحم
في العضل وإما ليس فيها ليف كالكبد، ولا شيء من الحركات إلا بالليف. أما الإرادية فبسبب ليف العضل. وأما
الطبيعية كحركة الرحم والعروق والمركبة كحركة الازدراد فبليف مخصوص يئة من وضع الطول والعرض، والتوريب
فللجذب المطاول، وللدفع الليف الذاهب عرضاً العاصر، وللإمساك الليف المورب. وما كان من الأعضاء ذا طبقة واحدة
مثل الأوردة فإن أصناف ليفه الثلاثة منتسج بعضها في بعض وما كان طبقتين فالليف الذاهب عرضاً يكون في طبقته
الخارجة، والآخران في طبقته الداخلة، ألاَ أن الذاهب طولاً أميل إلى سطحه الباطن، وإنما خلق كذلك لئلا يكون ليف
الجذب والدفع مقابل ليف الجذب والإمساك هما أولى بأن يكونان معاً، ألا في الأمعاء فإن حاجتها لم تكن إلى الإمساك
شديدة بل إلى الجذب والدفع.
Binary file 21_1 matches ونقول أيضاَ: إن الأعضاء العصبانية المحيطة بأجسام غريبة عن جوهرها منها ما هي
نقول: إن من العظام ما قياسه من البدن قياس الأساس وعليه مبناه مثل فقار الصلب فإنه أساس للبدن عليه يبنى كما تبنى
السفينة على الخشبة التي تنصب فيها أولاً، ومنها قياسه من البدن قياس ان والوقاية كعظم اليافوخ، ومنها ما قياسه
قياس السلاح الذي يدفع به المصادم والمؤذي مثل العظام التي تدعى السناسن وهي على فقار الظهر كالشوك، ومنها ما
هو حشو بين فرج المفاصل مثل العظام السمسمانية التي بين السلاميات، ومنها ما هو متعلق للأجسام المحتاجة إلى علاقة
كالعظم الشبيه باللام لعضل الحنجرة واللسان وغيرهما. وجملة العظام دعامة وقوام للبدن، وما كان من هذه العظام إنما
يحتاج إليه للدعامة فقط وللوقاية ولا يحتاج إليه لتحريك الأعضاء فإنه خلق مصمتا"، وإن كانت فيه المسام والفرج التي
لا بد منها وما كان يحتاج إليه منها لأجل الحركة أيضاً فقد زيد في مقدار تجويفه وجعل تجويفه في الوسط واحدا" ليكون
جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة فيصير رخواً، بل صلب جرمه وجمع. غذاؤه وهو المخ في حشوه. ففائدة زيادة
التجويف أن يكون أخف، وفائدة توحيد التجويف أن يبقى جرمه أصلب، وفائدة صلابة جرمه أن لا ينكسر عند
الحركات العنيفة، وفائدة المخ فيه ليغذوه على ما شرحناه قبل وليرطبه دائماً فلا يتفتت بتجفيف الحركة، وليكون وهو
مجوف كالمصمت. والتجويف. يقل إذا كانت الحاجة إلى الوثاقة أكثر ويكثر إذا كانت الحاجة إلى الخفة أكثر. والعظام
المشاشية خلقت كذلك لأمر الغذاء المذكور مع زيادة حاجة بسبب شيء يجب أن ينفذ فيها كالرائحة المستنشقة مع
الهواء في عظم المصفاة ولفضول الدماغ المدفوعة فيها، والعظام كلها متجاورة متلاقية، وليس بين شيء من العظام وبين
العظم الذي يليه مسافة كثيرة بل في بعضها مسافة يسيرة تملؤها لواحق غضروفية أو شبيهة بالغضروفية خلقت للمنفعة
التي للغضاريف، وما لم يجب فيه مراعاة تلك المنفعة. خلق المفصل بينها بلا لاحقة كالفّك الأسفل. وااورات التي بين
العظام على أصناف: فمنها ما يتجاور مفصل سلس، ومنها ما يتجاور تجاور مفصل عسر غير موثق، ومنها ما يتجاور
تجاور مفصل موثق مركوز أو مدروز أو ملزق.
والمفصل السلس هو الذي لأحد عظميه أن يتحرك حركاته سهلاً من غير أن يتحرك معه العظم الآخر كمفصل الرسغ
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
23 القانون في الطبابن
سينا
مع الساعد.
والمفصل العسر الغير الموثق هو أن تكون حركة أحد العظمين وحده صعبة وقليلة المقدار مثل المفصل الذي بين الرسغ
والمشط أو مفصل ما بين عظمين من عظام المشط.
وأما المفصل الموثق فهو الذي ليس لأحد عظميه أن يتحرك وحده البتة مثل مفصل عظام القص. فأما المركوز فهو ما
يوجد لأحد العظمين زيادة وللثاني نقرة ترتكز فيها تلك الزيادة ارتكازاَ لا يتحرك فيها مثل الأسنان في منابتها.
وأما المدروز فهو الذي يكون لكل واحد من العظمين تحازيز وأسنان كما للمنشار ويكون أسنان هذا العظم منهدمة في
تحازيز ذلك العظم كما يركب الصفارون صفائح النحاس. وهذا الوصل يسمى شأنا" ودرزاً كالمفاصل وعظام القحف.
والملزق منه ما هو ملزق طولاً مثل مفصل بين عظمي الساعد، ومنه ما هو ملزق عرضاً مثل مفصل الفقرات السفلى من
فقار الصلب فإن العليا منها مفاصل غير موثقة.
الفصل الثاني
تشريح القحف
أما منفعة جملة عظم القحف فهي إا جنة للدماغ ساترة وواقية عن الآفات. وأما المنفعة في خلقها قبائل كثيرة وعظاما"
فوق واحدة فتنقسم إلى جملتين: جملة معتبرة بالأمور التي بالقياس إلى العظم نفسه، وجملة معتبرة بالقياس إلى ما يحويه
العظم.
أما الجملة الأولى فتنقسم إلى منفعتين: إحداهما أنه أن اتفق أن يعرض للقحف آفة في جزء من كسر أو عفونة، لم يجب
أن يكون ذلك عاما" للقحف كله، كما يكون لو كان عظما" واحداً. والثانية أن لا يكون في عظم واحد اختلاف
أجزاء في الصلابة واللين، والتخلخل والتكاثف، والرقة والغلظ، الاختلاف الذي يقتضيه المعنى المذكور عن قريب.
وأما الجملة الثانية: فهي المنفعة التي تتم بالشؤون، فبعضها بالقياس إلى الدماغ نفسه، بأن يكون لما يتحلّل من الأبخرة
الممتنعة عن النفوذ في العظم نفسه، لغلظة طريق ومسلك ليفارقه فينقي الدماغ بالتحلل. ومنفعة بالقياس إلى ما يخرج من
الدماغ من ليف العصب الذي ينبت في أعضاء الرأس ليكون لها طريق. ومنفعتان مشتركتان بين الدماغ وبين شيئين
اَخرين، أحدهما بالقياس إلى العروق والشرايين الداخلة إلى داخل الرأس، لكي يكون لها طريق ومنفعة بالقياس إلى
الحجاب الغليظ الثقيل، فتتشبث أجزاء منه بالشؤون فيستقل عن الدماغ ولا يثقل عليه. والشكل الطبيعي لهذا العظم هو
الاستدارة لأمرين ومنفعتين. أحدهما بالقياس إلى داخل وهو أن الشكل المستدير أعظم مساحة مما يحيط به غيره من
الأشكال المستقيمة الخطوط إذ تساوت إحاطتها. والآخر بالقياس إلى خارج وهو أن الشكل المستدير لا ينفعل من
المصادمات ما ينفعل عنه ذو الزوايا. وخلق إلى طول مع استدارة لأن منابت الأعصاب الدماغية موضوعة في الطول.
وكذلك يجب لئلا ينضغط، وله نتوآن إلى قدام وإلى خلف ليقيا الأعصاب المنحدرة من الجنبين. ولمثل هذا الشكل دروز
ثلاثة حقيقية ودرزان كاذبان، ومن الأولى درز مشترك مع الجبهة قوسي هكذا! ويسمى الاكليلي، ودرز منصف لطول
الرأس مستقيم يقال له وحده سهمي. وإذا اعتبر من جهة اتصاله بالإكليلى قيل له سفودي، وشكله كشكل قوس يقوم
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
24 القانون في الطبابن
سينا
في وسطه خط مستقيم كالعمود هكذا والدرز الثالث هو مشترك بين الرأس من خلف، وبين قاعدته، وهو على شكل
زاوية يتصل بنقطتها طرف السهمي، ويسمى الدرز اللامي لأنه يشبه اللام في كتابة اليونانيين، وإذا انضم إلى الدرزين
المقدمين صار شكله هكذا: وأما الدرزان الكاذبان فهما اَخذان في طول الرأس على موازاة السهمي من الجانبين، وليسا
بغائصين في العظيم تمام الغوص، ولهذا يسميان قشريين. وإذا اتصلا بالثلاثة الأولى الحقيقية صارت شكلها هكذا.
وأما أشكال الرأس الغير الطبيعية فهي ثلاثة. أحدها أن ينقص النتوء المقدم فيفقد له من الدرز الاكليلي. والثاني أن ينقص
النتوء المؤخر فيفقد له من الدروز الدرز اللامي. والثالث أن يفقد له النتواَن جميعاً ويصير الرأس كالكرة متساوي الطول
والعرض. قال فاضل الأطباء "جالينوس": إن هذا الشكل لما تساوى فيه الأبعاد وجب فيه العدل أن يتساوى فيه قسمة
الدروز، وقد كان قسمة الدروز في الأول للطول درز وللعرض لدرزان، فيكون ههنا للطول درز وللعرض كذلك درز
واحد، وأن يكون الدرز العرضي في وسط العرض من الأذن إلى الأذن على هذه الصورة كما أن الدرز الطولي في وسط
الطول. قال هذا الفاضل: ولا يمكن أن يكون للرأس شكل رابع كير طبيعي حتى يكون الطول أنقص من العرض إلا
وينقص من بطون الدماغ أو جرمه شيء، وذلك مضاد للحياة مانع عن صحة التركيب. وصوب قول مقدم الأطباء "
بقراط" إذ جعل أشكال الرأس أربعة فقط فاعلم ذلك.
الفصل الثالث
تشريح ما دون القحف
وللرأس بعد هذا خمسة عظام، أربعة كالجدران، وواحد كالقاعدة، وجعلت هذه الجدران أصلب من اليافوخ، لأن
السقطات والصدمات عليها أكثر، ولأن الحاجة إلى تخلخل القحف واليافوخ أَمس لأمرين: أحدهما لينفذ فيه البخار
المتحلّل. والثاني لئلا يثقل على الدماغ. وجعل أصلب الجدران مؤخرها لأنه غائب عن حراسة الحواس، فالجدار الأول
هو عظم الجبهة ويحده من فوق الدرز الاكليلي، ومن أسفل درز آخر يمتد من طرف الاكليلي ماراً على العين عند
الحاجب متصلاً اَخره بالطرف الثاني من الإكليلي، والجداران اللذان يمنة ويسرة فهما العظمان اللذان فيهما الأذنان،
ويسميان الحجرتين لصلابتهما ويحد كل واحد منها من فوق الدرز القشري، ومن أسفل درز يأتي من طرف الدرز
اللامي، ويمر منتهياً إلى الإكليلي، ومن قدام جزء من الإكليلي، ومن خلف جزء من اللامي. وأما الجدار الرابع فيحده
من فوق الدرز اللامي، ومن أسفل الدرز المشترك بين الرأس والوتدي ويصل بين طرفي اللامي. وأما قاعدة الدماغ فهو
العظم الذي يحمل سائر العظام ويقال له الوتدي وخلق صلباً لمنفعتين: إحداهما أن الصلابة تعين على الحمل. والثاني أن
الصلب أقل قبولاً للعفونة من الفضول وهذا العظم موضوع تحت فضول تنصب دائماً، فاحتيط في تصليبه، وفي كل
واحد من جانبي الصدغين عظمان صلبان يستران العصبة المارة في الصدغ، ووضعهما في طول الصدغ على الوارب
ويسميان الزوج.
الفصل الرابع
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
25 القانون في الطبابن
سينا
تشريح عظام الفكين والأنف
أما عظام الفك والصدغ: فيتبين عددها مع تبيننا لدروز الفك فنقول: إن الفك الأعلى يحده من فوق درز مشترك بينه
وبين الجبهة مار تحت الحاجب من الصدغ إلى الصدغ، ويحده من تحت منابت الأسنان، ومن الجانبين لحرز يأتي من
ناحية الأذن مشتركاً بينه وبين العظم الوتدي الذي هو وراء الأضراس، ثم الطرف الآخر هو منتهاه أعني أنه يميل نابياً إلى
الإنسي يسيراً، فيكون درز يفرق بين هذا وبين الدرز الذي نذكره، وهو الذي يقطع أعلى الحنك طولاً. فهذه حدوده.
وإما دروزه الداخلة في حدوده، فمن ذلك درز يقطع أعلى الحنك طولاً ولدرز آخر يبتدىء ما بين الحاجبين إلى محاذاة
ما بين الثنيتين، ودرز يبتدىء من عند مبتدأ هذا الدرز، ويميل عنه منحدراً إلى محاذاة ما بين الرباعية والناب من اليمين،
ودرز آخر مثله في الشمال، فيتحدد إذاً بين هذه الدروز الثلاثة الوسطى والطرفين. وبين محاذاة منابت الأسنان المذكورة
عظمان مثلثان، لكن قاعدتا المثلثين ليستا عند منابت الأسنان بل يعترض قبل ذلك درز قاطع قريب من قاعدة المنخرين،
لأن الدروز الثلاثة تجاوز هذا القاطع إلى المواضع المذكورة، ويحصل دون المثلثين عظمان تحيط ما جميعاً قاعدة المثلثين،
ومنابت الأسنان، وقسمان من الدرزين الطرفيين يفصل أحد العظمين عن الآخر ما يترل عن الدرز الأوسط، فيكون لكل
عظم زاويتان قائمتان عند هذا الدرز الفاصل، وحادة عند النابين، ومنفرجة عند المنخرين، ومن دروز الفك الأعلى درز
يترل من الدرز المشترك الأعلى آخذاً إلى ناحية العين، فكما يبلغ النقرة ينقسم إلى شعب ثلاثة: شعبة تمز تحت الدرز
المشترك مع الجبهة وفوق نقرة العين حتى يتصل بالحاجب، ودرز دونه يتصل كذلك من غير أن يدخل النقرة، ودرز
ثالث يتصل كذلك بعد دخول النقرة وكل ما هو منها أسفل بالقياس إلى الدرز الذي تحت الحاجب، فهو أبعد من
الموضع الذي يماسه الأعلى. ولكن العظم الذي يفرزه الدرز الأول من الثلاثة أعظم، ثم الذي يفرزه الثاني.
وأما الأنف فمنافعه ظاهرة وهي ثلاثة: أحدها: أنه يعين بالتجويف الذي يشتمل عليه في الاستنشاق حتى ينحصر فيه
هواء أكثر ويتعدل أيضاً قبل النفوذ إلى الدماغ، فإن الهواء المستنشق وإن كان ينفذ جملة إلى الرئة، فإن شطراً صالح
المقدار ينفذ أيضاً إلى الدماغ، ويجمع أيضاً للإستنشاق الذي يطلب فيه التشمم هواء صالحاً في موضع واحد أمام آلة
الشم، ليكون الإدراك أكثر وأوفق. فهذه ثلاث منافع في منفعة.
وأما الثانية: فإنه يعين في تقطيع الحروف وتسهيل إخراجها في التقطيع، لئلا يزدحم الهواء كلّه عند المواضع التي يحاول
فيها تقطيع الحروف بمقدار. فهاتان منفعتان في واحدة. ونظير ما يفعله الأنف في تقدير هواء الحروف هو ما يفعله الثقب
مطلقاً إلى خلف المزمار قلا يتعرض له بالسد. وأما الثالثة: فليكون للفضول المندفعة من الرأس ستر ووقاية عن الأبصار،
وأيضاً آلة معينة على نفضها بالنفخ.
وتركيب عظام الأنف من عظمين كالمثلثين يلتقي منها زاويتاهما من فوق والقاعدتان يتماسان عند زاوية ويتفارقان
بزاويتين. والعظمان كلّ واحد منهما يركب أحد الدرزين الطرفيين المذكورين تحت درز عظام الوجه وعلى طرفيهما
السافلين غضروفان لينان، وفيما بينهما على طول الدرز الوسطاني غضروف جزؤه الأعلى أصلب من الأسفل وهو
بالجملة أصلب من الغضروفين الآخرين. فمنفعة الغضروف الوسطاني أن يفصل الأنف إلى منخرين حتى إذا نزل من
الدماغ فضلة نازلة مالت في الأكثر إلى أحدهما ولم يسد طريق جميع الاستنشاق المؤدي إلى الدماغ هواء مروحاً لما فيه
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
26 القانون في الطبابن
سينا
من الروح. ومنفعة الغضروفين الطرفيين أمور ثلاثة: المنفعة المشتركة للغضاريف الواقعة على أطراف العظام وفرغنا منها.
والثانية لكي ينفرج ويتوسع إن احتيج إلى فضل استنشاق أو نفخ.
والثالثة ليعين في نقض البخار باهتزازها عند النفخ وانتفاضها وارتعادها و  خلق عظما الأنف دقيقين خفيفين، لأن الحاجة
ههنا إلى الخفة أكثر منها إلى الوثاقة، وخصوصاً لكوما بريئين عن مواصلة أعضاء قابلة للآفات وموضوعين بمرصد من
الحس. وأما الفك الأسفل قصورة عظامه ومنفعته معلومة، وهو أنه من عظمين يجمع بينهما تحت الذقن مفصل موثق
وطرفاهما الآخران ينتشر عند آخر كل واحد منهما ناشزة معقفة تتركب مع زائدة مهندمة لها ناتئة من العظم الذي
ينتهي عنده، مربوطة بوقوع أحدهما على الآخر برباطات.
الفصل الخامس
تشريح الأسنان
أما الأسنان في اثنان وثلاثون سناً، وربما عدمت النواجذ منها في بعض الناس، وهي الأربعة الطرفانية فكانت ثمانية
وعشرين سناً، فمن الأسنان ثنيتان ورباعيتان من فوق ومثلها من أسفل للقطع ونابان من فوق ونابان من تحت للكسر
وأضراس للطحن من كل جانب فوقاني وسفلاني أربعة أو خمسة، فجملة ذلك اثتان وثلاثون أو ثمانية وعشرون.
والنواجذ تنبت في الأكثر في وسط زمان النمو وهو بعد للبلوغ إلى الوقوف وذلك أن الوقوف قريب عن ثلاثين سنة،
ولذلك تسمى أسنان الحلم. وللأسنان أصول ورؤوس محددة تركز في ثقب العظام الحاملة لها من الفكين، وتنبت على
حافة كل ثقبة زائدة مستديرة عليها عظيمة تشتمل على السن وتشده. وهناك روابط قوية وما سوى الأضراس فإن لكل
واحد منها رأساً واحدا". وأما الأضراس المركوزة في الفك الأسفل فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرؤوس رأسان،
وربما كان وخصوصا" للناجذين ثلاثة أرؤس وأما المركوزة في الفك الأعلى فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرؤوس
ثلاثة أرؤس، وربما كان- وخصوصاً للناجذين- أربعة أرؤس وقد كثرت رؤوس الأضراس لكبرها ولزيادة عملها، وزيد
للعليا لأا معلقة، والنقل يجعل ميلها إلى خلاف جهة رؤوسها. وأما السفلى فثقلها لا يضاد ركزها، وليس لشيء من
العظام حس البتة إلا الأسنان. قال جالينوس: بل التجربة تشهد أن لها حسا" أعينت به بقوة تأتيها من الدماغ لتميز أيضاً
بين الحار والبارد .
الفصل السادس
منفعة الصلب
الصلب مخلوق لمنافع أربع: أحدها ليكون مسلكاً للنخاع المحتاج إليه في بقاء الحيوان لما نذكره من منفعة النخاع في
موضعه بالشرح. وأما ههنا فنذكر من ذلك أمر مجملاً وهو أن الأعصاب لو نبتت كلها من الدماغ لاحتيج أن يكون
الرأس أعظم مما هو عليه بكثير، ولثقل على البدن حمله، وأيضاً لاحتاجت العصبة إلى قطع مسافة بعيدة حتى تبلغ أقاصي
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
27 القانون في الطبابن
سينا
الأطراف، فكانت متعرضة للآفات والانقطاع، وكان طولها يوهن قوا في جذب الأعضاء الثقيلة إلى مباديها، فأنعم
الخالق عز اسمه بإصدار جزء من الدماغ وهو النخاع إلى أسفل البدن كالجدول من العين، ليوزع منه قسمة العصب في
جنباته، وآخره بحسب موازاته ومصاقبته للأعضاء، ثم جعل الصلب مسلكاً حريزاً له، والثانية أن الصلب وقاية و  جنة
للأعضاء الشريفة الموضوعة قدامه، ولذلك خلق له شوك وسناسن. والثالثة أن الصلب خلق ليكون مبني لجملة عظام
البدن مثل الخشبة التي يأ في نجر السفينة أولا"، ثم يركز فيها ويربط ا وسائر الخشب ثانياَ، ولذلك خلق الصلب صلباً.
والرابعة ليكون لقوام الإنسان استقلال وقوام وتمكن من الحركات إلى الجهات، ولذلك خلق الصلب فقرات منتظمة لا
عظماً واحداً، ولا عظاماً كثيرة المقدار، وجعلت المفاصل بين الفقرات لا سلسة توهن القوام ولا موثقة فتمنع الانعطاف.
الفصل السابع
تشريح الفقرات
فنقول: الفقرة عظم في وسطه ثقب ينفذ فيه النخاع، والفقرة قد يكون لها أربع زوائد يمنة ويسرة، ومن جانبي الثقب،
ويسمى ما كان منها إلى فوق شاخصة إلى فوق وما كان منها إلى أسفل شاخصة إلى أسفل ومنتكسة، وربما كانت
الزوائد ستا"، أربعة من جانب واثنان من جانب. وربما كانت ثمانية والمنفعة في هذه الزوائد، هي أن ينتظم منها الاتصال
بينها اتصالاً مفصلياً بنقر في بعضها ورؤوس لقمية في بعض وللفقرات زوائد لا لأجل هذه المنفعة، ولكن للوقاية والجنة
والمقاومة لما يصاك ، ولأن ينتسج عليها رباطات، وهي عظام عريضة صلبة موضوعة على طول الفقرات. فما كان من
هذه موضوعاً إلى خلف يسمى شوكاً وسناسن، وما كان منها موضوعاً يمنة ويسرة يسمى أجنحة. وإنما وقايتها لما وضع
أدخل منها في طول البدن من العصب والعروق والعضل. ولبعض الأجنحة، وهي التي تلي الأضلاع خاصة منفعة، وهي
أا تتخلق فيها نقر ترتبط ا رؤوس الأضلاع محدبة بتهندم فيها. ولكل جناح منها نقرتان، ولكل ضلع زائدتان
محدبتان. ومن الأجنحة ما هو ذو رأسين فيشبه الجناح المضاعف وهذا في خرزات العنق وسنذكر منفعته. وللفقرات غير
الثقبة المتوسطة ثقب أخرى لسبب ما يخرج منها من العصب وما يدخل فيها من العروق، فبعض تلك الثقب يحصل
بتمامها في جرم الفقرة الواحدة، وبعضها يحصل بتمامها في فقرتين بالشركة، ويكون موضعها الحد المشترك بينهما، وربما
كان ذلك من جانبي فوق وأسفل معاً، وربما كان من جانب واحد، وربما كان في كل واحدة من الفقرتين نصف دائرة
تامة، وربما كان في إحداهما أكبر منه، وفي الأخرى أصغر، وإنما جعلت هذه الثقبة عن جنبتي الفقرة ولم تجعل إلى خلف،
لعدم الوقاية لما يخرج ويدخل هناك ولتعرضه للمصادمات، ولم تجعل إلى قدام، وإلا لوقعت في المواضع التي عليها ميل
البدن بثقله الطبيعي وبحركاته الإرادية أيضاً، وكانت تضعفها ولم يمكن أن تكون متقنة الربط والتعقيب، وكان الميل أيضاً
على مخرج تلك الأعصاب يضغطها ويوهنها. وهذه الزوائد التي للوقاية قد يحيط ا رباطات وعصب يجري عليها
رطوبات وتملس وتسلس لئلا تؤذي اللحم بالمماسة. والزوائد المفصلية أيضاً شأا هذا فإا يوثق بعضها ببعض إيثاقاً
شديداَ بالتعقيب والربط من كل الجهات إلا أن تعقبها من قدام أوثق ومن خلف أسلس، لأن الحاجة إلى الانحناء والانثناء
نحو القدام أمس من الانعطا  ف والانتكاس إلى خلف، ولما سلست الرباطات إلى خلف شغل الفضاء الواقع لا محالة هناك
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
28 القانون في الطبابن
سينا
وإن قل برطوبات لزجة ففقرات الصلب بما استوثق من تعقيبها من جهة، إستيثاقاً بالإفراط كعظم واحد مخلوق للثبات
والسكون وبما سلست من جهة كعظام كثيرة مخلوقة للحركة.
الفصل الثامن
منفعة العنق وتشريح عظامه
العنق مخلوق لأجل قصبة الرئة، وقصبة الرئة مخلوقة لما نذكر من منافع خلقها في موضعه. ولما كانت الفقرة العنقية-
وبالجملة العالية- محمولة على ما تحتها من الصلب وجب أن تكون أصغر، فإن المحمول يجب أن يكون أخف من الحامل
إذا أريد أن تكون الحركات على النظام الحكمي. ولما كان أول النخاع يجب أن يكون أغلظ وأعظم مثل أول النهر، لأن
ما يخص الجزء الأعلى من مقاسم العصب كثر مما يخص الأسفل، وجب أن تكون الثقب في فقار العنق أوسع. ولما كان
الصغر وسعة التجويف مما يرقق جرمها، وجب أن يكون هناك معنى من الوثاق يتدارك به ما برهنه الأمران المذكوران،
فوجب أن يخلق أصلب الفقرات. ولما كان جرم كل فقرة منها رقيقاً خلقت سناسنها صغيرة، فإا لو خلقت كبيرة
يأت الفقرة للإنكسار وللآفات عند مصادمة الأشياء القوية لسنسنتها. ولما صغرت سنسنتها جعلت أجنحتها كباراً
ذوات رأسين مضاعفة. ولما كانت حاجتها إلى الحركة أكثر من حاجتها إلى الثبات إذ ليس إقلالها للعظام الكثيرة إقلال
ما تحتها، فلذلك أيضاً سلست مفاصل خرزا بالقياس إلى مفاصل ما تحتها، ولأن ما يفوا من الوثاقة بالسلاسة قد
يرجع إليها مثله أو كثر منه من جهة ما يحيط ا ويجري عليها من العصب والعضل والعروق فيغني ذلك عن تأكيد
الوثاقة في المفصال. ولما قلّت الحاجة إلى شدة توثيق المفاصل، وكفى المقدار المحتاج إليه بما فعل، لم تخلق زوائدها المفصلية
الشاخصة إلى فوق وأسفل عظيمة كثيرة العرض كما للواتي تحت العنق، بل جعلت قواعدها أطول ورباطاا أسلس،
وجعل مخارج العصب منها مشتركة على ما ذكرنا إذ لم تحتمل كل فقرة منها لرقتها وصغرها وسعة مجرى النخاع فيها
ثقباً خاصة إلا التي نستثنيها ونبين حالها.
فنقول الآن: إن خرز العنق سبع بالعدد، فقد كان هذا المقدار معتدلاً في العدد والطول، ولكل واحدة منها- إلا الأولى-
جميع الزوائد الإحدى عشرة المذكورة، سنسنة وجناحان وأربع زوائد مفصلية شاخصة إلى فوق، وأربع شاخصة إلى
أسفل، وكل جناح ذو شعبتين. ودائرة مخرج العصب تنقسم بين كل فقرتين بالنصف، لكن للخرزة الأولى والثانية
خواص ليست لغيرهما، ويجب أن تعلم أولاً أن حركة الرأس يمنة ويسرة تلتئم بالمفصل الذي بينه وبين الفقرة الأولى،
وحركتها من قدام ومن خلف بالمفصل الذي بينه وبين الفقرة الثانية، فيجب أن نتكلم أولاً في المفصل الأول فنقول: إنه
قد خلق على شاخصتي الفقرة الأولى من جانبيه إلى فوق نقرتان يدخل فيهما زائدتان من عظم الرأس، فإذا ارتفعت
إحداهما وغارت الأخرى مال الرأس إلى الغائرة ولم يمكن أن يكون المفصل الثاني على هذه الفقرة، فجعل له فقرة أخرى
على حدة وهي التالية، وأنبت من جانبها المتقدم الذي إلى الباطن زائدة طويلة صلبة تجوز وتنفذ في ثقبة الأولى قدام
النخاع. والثقبة مشتركة بينهما وهي- أعني الثقبة من الخلف إلى القدام- أطول منها ما بين اليمين والشمال وذلك لأن
فيما بين القدام والخلف نافذان يأخذان من المكان فوق مكان النافذ الواحد.
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
29 القانون في الطبابن
سينا
وأما تقدير العرض فهو بحسب أكبر نافذ واحد منهما، وهذه الزائدة تسمى السن وقد حجب النخاع عنها برباطات
قوية أنبتت لتفرز ناحية السن من ناحية النخاع، لئلا يشدخ السن النخاع بحركتها ولا يضغطه، ثم إن هذه الزائدة تطلع
من الفقرة الأولى وتغوص في نقرة في عظم الرأس وتستدير عليها النقرة التي في عظم الرأس، وا تكون حركة الرأس إلى
قدام من خلف.
وهذه السن إنما أنبتت إلى قدام لمنفعتين: إحداهما لتكون أحرز لها، والثانية ليكون الجانِب الأرق من الخرزة داخلاً لا
خارجاً. وخاصية الفقرة الأولى أا لا سنسنة لها لئلاّ تثقلها ولئلاّ تتعرض بسببها للآفات فإن الزائدة الدافعة عما هو
أقوى هي بعينها الجالبة للكسر والآفات إلى ما هو أضعف وأيضاً لئلا يشدخ العضل والعصب الكثير الموضوع حولها مع
أن الحاجة ههنا إلى شوك واقٍ قليلة، وذلك لأن هذه الفقرة كالغائصة المدفونة في وقايات نائية عن منال الآفات. ولهذه
المعاني عريت عن الأجنحة وخصوصاً إذا كانت العصب والعضل أكثرها موضوعاً بجنبها وضعاً ضيقاً لقرا من المبدأ،
فلم يكن للأجنحة مكان. ومن خواص هذه الفقرة أن العصبة تخرج عنها لا عن جانبيها ولا عن ثقبة مشتركة، ولكن
عن ثقبتين فيها تليان جانبي أعلاها إلى خلف، لأنه لو كان مخرج العصب حيث تلتقم زائدتي الرأس وحيث تكون
حركاما القوية لتضر بذلك تضرراً شديداً، وكذلك لو كان إلى ملتقم الثانية لزائدتيها اللتين تدخلان منها في نقرتي
الثالثة بمفصل سلس متحرك إلى قدام وخلف، ولم تصلح أيضاً أن تكون من خلف ومن قدام للعلل المذكورة في بيان أمر
سائر الخرز ولا من الجانبين لرقة العظم فيهما بسبب السن، فلم يكن بد من أن تكون دون مفصل الرأس بيسير وإلى
خلف من الجانبين، أعني حيث تكون وسطاً بين الخلف والجانب، فوجب ضرورة أن تكون الثقبتان صغيرتين، فوجب
ضرورة أن يكون العصب دقيقاً. وأما الخرزة الثانية فلما لم يمكن أن يكون مخرج العصب فيها من فوق حيث أمكن لهذه
إذ كان يخاف عليها لو كان مخرج عصبها كما للأولى أن ينشدخ ويترضض بحركة الفقرة الأولى لتنكيس الرأس إلى قدام
أو قلبه إلى خلف، ولا أمكن من قدام وخلف لذلك ولا أمكن من الجانبين، وإلا لكان ذلك شركة مع الأولى، ولكان
النابت دقيقاً ضرورة لا يتلافى تقصير الأول، ويكون الحاصل أزواجاً ضعيفة مجتمعة معاً، ولكان أيضاً يكون بشركة مع
الأولى واتضح عذر الأولى في فساد الحال لو تثقبت من الجانبين، فوجب أن يكون الثقب في الثانية في جانبي السنسنة
حيث يحاذي ثقبتي الأولى، ويحتمل جرم الأولى المشاركة فيهما. والسن النابت من الثانية مشدود مع الأولى برباط قوي
ومفصل الرأس مع الأولى ومفصل الرأس والأولى معا" مع الثانية أسلس من سائر مفاصل الفقار لشدة الحاجة إلى
الحركات التي تكون ما وإلى كوا بالغة ظاهرة، وإذا تحرك الرأس مع مفصل إحدى الفقرتين صارت الثانية ملازمة
لمفصلها الآخر، كالمتوجه حتى إن تحرك الرأس إلى قدام وإلى خلف صار مع الفقرة الأولى كعظم واحد، وإن تحرك إلى
الجانبين من غير تأريب صارت الأولى والثانية كعظم واحد، فهذا ما حضرنا من أمر فقار العنق وخواصها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mmmd.yoo7.com
elkabtn2009
المدير العام
  المدير العام
avatar


دولتي : مصر
النوع : ذكر
عدد المساهمات : 1071
السٌّمعَة : 265
تاريخ التسجيل : 09/04/2011

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب القانون في الطب / ابن سينا   كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 11 يوليو 2011, 11:02 am

الفصل التاسع
تشريح فقار الصدر

30 القانون في الطبابن
سينا
فقار الصدر هي التي تتصل ا الأضلاع، فتحوي أعضاء التنفس وهي إحدى عشرة فقرة ذات سناسن وأجنحة، وفقرة
لا جناحان لها فذلك إثنتا عشرة فقرة، وسناسنها غير متساوية لأن ما يلي منها الأعضاء التي هي أشرف، هي أعظم
وأقوى، وأجنحة خرز الصدر أصلب من غيرها لاتصال الأضلاع ا، والفقرات السبعة العالية منها سناسنها كبار
وأجنحتها غلاظ لتقي القلب وقاية بالغة، فلما ذهبت جسومها في ذلك جعلت زوائدها المفصلية الشاخصة قصاراً
عراضاً، وما فوق ذلك دون العاشرة فإن زوائد المفصلية الشاخصة إلى فوق، هي التي فيها نقر الإلتقام والشاخصة إلى
أسفل يشخص منها الحدبات التي تتهندم في النقر وسناسنها تنجذب إلى أسفل. وأما العاشرة، فإن سناسنها منتصبة مقببة
ولزوائدها المفصلية من كلا الجانبين نقر بلا لقم، فإا تلتقم من فوق ومن تحت معاً، ثم ما تحت العاشرة فإن لقمها إلى
فوق ونقرها إلى أسفل وسناسنها تتحدب إلى فوق.
وسنذكر منافع جميع هذا بعد وليس للفقرة الثانية عشرة أجنحة، إذ شدة الحاجة بسبب الأضلاع ناقصة. وأما الوقاية فقد
دبر لها وجه اَخر يجمع الوقاية مع منفعة أخرى. وبيان ذلك:
إن خرزات القطن احتيج فيها إلى فضل عظم وفضل وثاقة مفاصل لإقلالها ما فوقها، واحتيج إلى أن تجعل النقر واللقم في
المفاصل أكثر عدداً، وضوعف زوائد مفاصلها واحتيج إلى أن تجعل الجهة التي تليها من الثانية عشرة متشبهة ا،
فضوعف زوائدها المفصلية فذهب الشيء الذي كان يصلح لأن يصرف إلى الجناح في تلك الزوائد، ثم عرضت فضل
تعريض وكان يشبه ما استعرض منها الجناح فاجتمعت المنفعتان معاً في هذه الخِلقة. وهذه الثانية عشرة هي التي يتصل ا
طرف الحجاب، فأما ما فوق هذه الخرزة فكان عرضها يغني عن هذا الاستيثاق في تكثير الزوائد المفصلية، بل عظم ما
ينبت منها من السناسن والأجنحة فشغل جرمها عن ذلك، ولما كان خرز الصدر أعظم من خرز العنق، لم تجعل الثقب
المشتركة منقسمة بين الخرزتين على الإستواء، بل درج يسيراً يسيراً بأن زيد في العالية ونقص من السافلة حتى بقيت
الثقب بتمامها في واحدة واية ذلك في الخرزة العاشرة. وأما باقي خرز الظهر وخرز القطن فاحتمل جرمها لأن تتضمن
الثقب تمامها وكان في خرز القطن ثقبة يمنة وثقبة يسرة لخروج العصبة.
الفصل العاشر
تشريح فقرات القطن
وعلى فقر القطن سناسن وأجنحة عراض وزوائدها المفصلية السافلة تستعرض فتتشبه بالأجنحة الواقية وهي خمس
فقرات. والقطن مع العجز كالقاعدة للصلب كله، وهو دعامة وحامل لعظم العانة ومنبت الأعصاب للرجل .
الفصل الحادي عشر
تشريح العجز

كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
31 القانون في الطبابن
سينا
عظام العجز ثلاثة، وهي أشد الفقرات ندماً ووثاقة مفصل وأعرضها أجنحة والعصب إنما يخرج عن ثقب فيها ليست
على حقيقة الجانبين لئلا يزحمها مفصل الورك، بل أزول منها كثيراً وأدخل إلى قدام وخلف، وعظام العجز شبيهة بعظام
القطن.
الفصل الثاني عشر
تشريح العصعص
العصعص مؤلف من فقرات ثلاث غضروفية لا زوائد لها، ينبت العصب منها عن ثقب مشتركة كما للرقبة لصغرها،
وأما الثالثة فيخرج عن طرفها عصب فرد.
الفصل الثالث عشرة
كلام كالخاتمة في جملة منفعة للصلب
قد قلنا في عظام الصلب كلاماً معتدلاً، فلنقل في جملة الصلب قولاً جامعاً فنقول: إن جملة الصلب كشيء واحد
مخصوص بأفضل الأشكال وهو المستدير، إذ هذا الشكل أبعد الأشكال عن قبول آفات المصادمات، فلذلك تعقفت
رؤوس العالية إلى أسفل والسافلة إلى أعلى واجتمعت عند الواسطة وهي العاشرة، ولم تتعقف هذه إلى إحدى الجهتين
لتتهندم عليها العقفتان معاً. والعاشرة واسطة السناسن لا في العدد بل في الطول، ولما كان الصلب قد يحتاج إلى حركة
الإنثناء والإنحناء نحو الجانبين، وذلك يكون بأن تزول الواسطة إلى ضد الجهة ويميل ما فوقها وما تحتها نحو تلك الجهة،
وكان طرفا الصلب يميلان إلى الإلتقاء لم يخلق لها لقم، بل نقر، ثم جعلت اللقم السفلانية والفوقانية متجهة إليها أما
حافتها الفوقانية فنازلة، وأما السفلانية فصاعدة ليسهل زوالها إلى ضد جهة الميل، ويكون للفوقانية أن تنجذب إلى أسفل
وللسفلانية أن تنجذب إلى فوق.
الفصل الرابع عشر
تشريح الأضلاع
الأضلاع وقاية لما تحيط به من آلات التنفس وأعالي آلات الغذاء، ولم تجعل عظماً واحداً لئلاّ تثقل، ولئلا تعم آفة إن
عرضت، وليسفل الإنبساط إذا زادت الحاجة على ما في الطبع أو امتلأت الأحشاء من الغذاء والنفخ، فاحتيج إلى ما
كان أوسع للهواء اتذب وليتخلّلها عضل الصدر المعينة في أفعال التنفس وما يتصل به. ولما كان الصدر يحيط بالرئة
والقلب وما معهما من الأعضاء، وجب أن يحتاط في وقايتهما أشد الاحتياط، فإن تأثير الآفات العارضة لها أعظم، ومع
ذلك فإن تحصينها من جميع الجهات لا يضيق عليها ولا يضرها، فخلقت الأضلاع السبعة العلي مشتملة على ما فيها
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
32 القانون في الطبابن
سينا
ملتقية عند القص محيطة بالعضو الرئيس من جميع الجوانب. وأما ما يلي آلات الغذاء، فخلقت كالمخرزة من خلف حيث
لا تدركه حراسة البصر ولم يتصل من قدام بل درجت يسيراً يسيراً في الانقطاع فكان أعلاها أقرب مسافة ما بين
أطرافها البارزة وأسفلها أبعد مسافة، وذلك ليجمع إلى وقاية أعضاء الغذاء من الكبد والطحال وغير ذلك توسيعاً لمكان
المعدة فلا ينضغط عند امتلائها من الأغذية ومن النفخ، فالأضلاع السبعة العلى تسمى أضلاع الصدر، وهي من كل
جانب سبعة، والوسطيان منها أكبر وأطول والأطراف أقصر، فإن هذا الشكل أحوط في الاشتمال من الجهات على
المشتمل عليه، وهذه الأضلاع تميل أولاً على احديداا إلى أسفل، ثم تكر كالمتراجعة إلى فوق فتتصل بالقص، على ما
نصُِفه بع  د، حتى يكون اشتمالها أوسع مكاناً، ويدخل في كل واحد منها زائدتان في نقرتين غائرتين في كل جناح على
الفقرات فيحدث مفصل مضاعف، وكذلك السبعة العلى مع عظام القص. وأما الخمسة المتقاصرة الباقية فإا عظام
الخلف وأضلاع الزور، وخلقت رؤوسها متصلة بغضاريف لتأمن من الانكسار عند المصادمات، ولئلاّ تلاقي الأعضاء
اللينة والحجاب بصلابتها بل تلاقيها بجرم متوسط بينها وبين الأعضاء اللينة في الصلابة واللين
الفصل الخامس عشر
تشريح القص
القص مؤلف من عظام سبعة، ولم يخلق عظماً واحداً لمثل ما عرف في سائر المواضع من المنفعة، وليكون أسلس في
مساعدة ما يطيف ا من أعضاء التنفس في الانبساط، ولذلك خلقت هشة موصولة بغضاريف تعين في الحركة الخفية
التي لها، وان كانت مفاصلها موثوقة، وقد خلقت سبعة بعدد الأضلاع الملتصقة ا. ويتصل بأسفل القص عظم غضروفي
عريض طرفه الأسفل إلى الإستدارة يسمى الخنجري لمشاته الخنجر، وهو وقاية لفم المعدة وواسطة بين القص والأعضاء
اللينة فيحسن إتصال الصلب باللين على ما قلنا مراراً.
الفصل السادس عشر
في تشريح الترقوة
الترقوة عظم موضوع على كل واحد من جانبي أعلى القص يتخلى عند النحر بتحدبه فرجة تنفذ فيها العروق الصاعدة
إلى الدماغ، والعصب النازل منه بتقعير ثم يميل إلى الجانب الوحشي ويتصل برأس الكتف فيرتبط به الكتف وما جميعاً
العضد.
الفصل السابع عشر
في تشريح الكتف
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا 1499289237
33 القانون في الطبابن
سينا
الكتف  خلِق لمنفعتين: إحداهما: لأن يعلق به العضد واليد، فلا يكون العضد ملتصقاً بالصدر فتنعقد سلاسة حركة كل
واحدة من اليدين إلى الأخرى وتضيق، بل خلق برياً من الأضلاع ووسع له جهات الحركات.
والثانية: ليكون وقاية حريزة للأعضاء المحصورة في الصدر ويقوم بدل سناسن الفقرات وأجنحتها حيث لا فقرات تقاوم
المصادمات، ولا حواس تشعر ا.
والكتف يستدق من الجانب الوحشي ويغلظ فيحدث على طرفه الوحشي نقرة غير غائرة فيدخل فيها طرف العضد
المدور.
ولها زائدتان: إحداهما إلى فوق وخلف وتسمى الأخرم ومنقار الغراب، وا رباط الكتف مع الترقوة وهي التي تمنع عن
إنخلاع العضد إلى فوق.
والأخرى من داخل وإلى أسفل تمنع أيضاً رأس العضد عن الإنخلاع ثم لا تزال تستعرض كلما أمعنت في الجهة الإنسية
ليكون اشتمالها الواقي أكثر، وعلى ظهره زائدة كالمثلث قاعدته إلى الجانب الوحشي وزاويته إلى الإنسي حتى لا يختل
تسطح الظهر، إذ لو كانت القاعدة إلا الإنسي لشالت الجلد، وآلمت عند المصادمات . وهذه الزائدة بمترلة السنسنة
للفقرات مخلوقة للوقاية، وتسمى عير الكتف. واية استعراض الكتف عند غضروف يتصل ا مستدير الطرف، واتصاله
ا للعلة المذكورة في سائر الغضاريف
الفصل الثامن عشر
تشريح الع  ضد
عظْ  م العضدِ  خلِقِ مستديراً ليكون أبعد عن قبول الآفات ، وطرفه الأعلى محدب يدخل في نقرة الكتف بمفصل رخو، غير
وثيق جداً، وبسبب رخاوة هذا المفصل يعرض له الخلع كثيراً. والمنفعة في هذه الرخاوة أمران: حاجة، وأمان. أما
الحاجة، فسلاسة الحركة في الجهات كلها، وأما الأمان، فلأن العضد وإن كان محتاجاً إلى التمكن من حركات شتى إلى
جهات شتى- فليست هذه الحركات تكثر عليه وتدوم حتى يخاف إتاك أربطته، وتخلعها، بل العضد في أكثر الأحوال
ساكن، وسائر اليد متحرك، ولذلك أوثقت سائر مفاصلها أشد من إيثاق العضد- ومفصل العضد تضمنه أربعة أربطة:
أحدها: مستعرض غشائي محيط بالمفصل كما في سائر المفاصل، رباطان نازلان من الأخرم: أحدهما مستعرض الطرف
يشتمل على طرف العضد، والثاني أعظم وأصلب يترل مع رابع يترل أيضاً من الزئداة المتقاربة في حز معد لهما،
وشكلهما إلى العرض ما هو، خصوصاً عند مماسه العضد، ومن شأما أن يستبطنا العضد فيتصلا بالعضل المنضودة على
باطنه. والعضد مقعر إلى الإنسي محدب إلى الوحشي، ليكن بذلك ما يتنضد عليه من العضل والعصب والعروق وليجود
تأبط ما يتأبطه الإنسان وليجود إقبال إحدى اليدين على الأخرى. وأما طرف العضد السافل فإنه قد ركب عليه زائدتان
متلاصقتان والتي تلي الباطن منهما أطول وأدق ولا مفصل لها مع شيء بل هي وقاية لعصب وعروق وإما التي تلي
الظاهر، فيتم ا مفصل المرفق بلقمة فيها على الصفة التي نذكرها، وبينهما لا محالة حز في طرفي ذلك الحز نقرتان من
فوق إلى قدام، ومن تحت إلى خلف- والنقرة الإنسية الفوقانية منهما مسواة مملسة لا حاجز عليها- والنقرة الوحشية هي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mmmd.yoo7.com
 
كتاب القانون في الطب / ابن سينا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تحميل كتاب القانون في الطب تأليف ابن سينا
» تحميل كتاب مجربات ابن سينا الروحانية
» كتاب (تاريخ الطب)
» تحميل كتاب الحاوي في الطب - الرازي
» تحميل كتب ومؤلفات العالم ( ابن سينا )

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Friendship Of Robots :: ::قسم المنوعات:: :: المكتبة العامة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» افضل حلول تخزين الاثاث في السعودية
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyاليوم في 1:49 am من طرف مايكروسيستم7

» خدمات تخزين الاثاث في السعودية باعلى جودة
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyاليوم في 1:39 am من طرف مايكروسيستم7

» افضل خدمات النجارة وتركيب وبيع الاثاث والمطابخ في الرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024, 9:44 am من طرف مايكروسيستم7

» حلول متكاملة لحماية المباني والمسابح والمواسير بالمملكة
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024, 9:36 am من طرف مايكروسيستم7

» فوائد ومميزات العزل بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024, 9:27 am من طرف مايكروسيستم7

» طرق عزل الخزانات بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2024, 2:25 am من طرف مايكروسيستم7

» افضل خدمات العزل بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2024, 2:19 am من طرف مايكروسيستم7

» الشركة الدولية للخدمات المنزلية بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالأحد 10 نوفمبر 2024, 2:41 am من طرف مايكروسيستم7

» خدمات شركة عزل بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالأحد 10 نوفمبر 2024, 2:29 am من طرف مايكروسيستم7

» اهمية العزل بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالأحد 10 نوفمبر 2024, 2:25 am من طرف مايكروسيستم7

» خدمات شركة عزل بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 04 نوفمبر 2024, 2:55 am من طرف مايكروسيستم7

» اسعار شركة عزل بالقويعية
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالخميس 31 أكتوبر 2024, 1:51 am من طرف مايكروسيستم7

» خدمات شركة عزل في المزاحمية
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 28 أكتوبر 2024, 11:42 pm من طرف مايكروسيستم7

» اسعار شركة عزل بالدرعية
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالأحد 27 أكتوبر 2024, 2:20 am من طرف مايكروسيستم7

» ارخص شركة نقل اثاث بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالسبت 26 أكتوبر 2024, 3:25 pm من طرف مايكروسيستم7

» اسعار شركة مكافحة حشرات بالاحساء
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالأربعاء 23 أكتوبر 2024, 12:03 am من طرف مايكروسيستم7

» خدمات نقل العفش بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالإثنين 21 أكتوبر 2024, 12:57 am من طرف مايكروسيستم7

» شركة تنظيف كنب بالدمام
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالسبت 19 أكتوبر 2024, 11:15 pm من طرف مسوقة المملة

» ارخص شركة نقل عفش بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالسبت 19 أكتوبر 2024, 7:33 pm من طرف مايكروسيستم7

» افضل شركة شراء اثاث مستعمل بالرياض
كتاب   القانون في الطب  /  ابن سينا Emptyالخميس 17 أكتوبر 2024, 1:53 pm من طرف مايكروسيستم7